للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[السلاجقة]

عنصر قوة في الإسلام

(بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)

(حديث شريف)

للأستاذ حسن حبشي

ليس من شك في أن ظهور السلاجقة على مسرح التاريخ يعد نقطة انتقال هامة في التاريخ الإسلامي، فقد نشأت عدة دويلات من هذه الزمرة الصغيرة التي خرجت من بخارى يقودها سلجوق ويدفعها حبها للمخاطرة. أما من الناحية الدينية فقد كانوا حماة الإسلام، يذبون عن بيضته، وينافحون عنه، ونبغ فيهم رجال نصروا الحنيفية السمحة، كما ظهر في أيامهم أئمة أدرجوا في عداد المجتهدين، وحسبنا أن نذكر من هؤلاء حجة الإسلام الغزالي. كتب الأستاذ هربرت لوي يقول: (إنه لا يعزي إليهم فحسب ما مني به الصليبيون من فشل ذريع، بل يرجع إليهم كذلك الأثر غير المباشر للشرق على الغرب، ذلك الأثر الناجم عن الاختلاط الذي كان بين الفرنجة والمسلمين في الحروب المقدسة، وقد كان ظهور شأو السلاجقة مقوياً للمذهب السني، كما يرجع إليهم الفضل في إعادة الوحدة إلى الإمارات الإسلامية الممزقة، كما أنهم وضعوا أسس الإمبراطورية العثمانية في القسطنطينية).

هاجر سلجوق من تركستان إلى بلاد ما وراء النهر، ويعزو الأستاذ هربرت ظهور سطوته إلى هذه الهجرة وإلى اعتناقه هو وقبيلته الإسلام. وأصبحوا من دعاة المذهب السني على عكس الفرس الذين سايروا المذهب الشيعي.

ظهر السلاجقة في وقت كانت عوامل الضعف والانحطاط تعمل في جسم الخلافة العباسية، فقد أحاط الخلفاء العباسيون أنفسهم بالحرس التركي، وذلك يرجع كما يذهب الأستاذ شفيق غربال بك إلى موازنة النفوذ الفارسي الذي كان قد تغلغل في جميع مصالح الدولة، وقصة البرامكة - وهم من أشراف الفرس - وما نكبوا به، أجلى برهان على ما وصلوا إليه من عليا المراتب في الدولة (حتى غدوا الحكام الحقيقين لها مما جعل الخليفة (هارون) يجمع العزم على التخلص من العائلة بأكملها).

<<  <  ج:
ص:  >  >>