للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إلى. . .]

للدكتور زكي مبارك

مولاتي

إليك أقدم نجوى القلب وحنين الروح، ثم أعتذر عنك إن سمحت، ففي رسالتك الكريمة ألفاظ تحتاج إلى اعتذار، فليس من الصحيح أني أصانع فلاناً وأتوسل إلى فلان، كما تتوهمين، وإنما أنا رجل مر العداوة حلو الوداد، ومن كان كذلك فهو خليق بأن يوغل في مخاشنة أعدائه حتى يوصم بالإفراط في القسوة والعنف، وأن يكثر من محاسنه أصدقائه حتى يتهم بالإسراف في الرفق واللين

ومع أني أنزه نفسي عن اختلاف المعايب لأعدائي فأنا أترفق في ابتداع المحاسن لأصدقائي، ولست من الذين يستبيحون إيذاء أصدقائهم باسم الحرص على منفعة المجتمع أو الصوالح القومية لأن الصداقة عندي مبدأ من المبادئ ورأي من الآراء وعقيدة من العقائد، وأنا أعد الاستهانة بحقوق الأصدقاء جريمة روحية تعرض القلب لعقاب الله ذي العزة والجبروت

أنا يا مولاتي أومن بأني مسئول أمام الله عن واجب التلطف مع أصدقائي، بل أنا مسئول عن وجوب الاعتقاد بأنهم منزهون عن المآثم والعيوب، فاحترسي من اتهامي بالتقرب والتزلف، فلله غَضَبات تنصبُّ على رءوس من يتهمون الأبرياء، حماك الله من التعرض لغضبات السماء!

وقد يقع أن أصوب سنان القلم إلى زميل أو صديق، ثم أظل مع ذلك سليم القلب، أمين الروح، لأن لي رأياً في البر بأصدقائي، وذلك الرأي يحتم الاهتمام بآثارهم الأدبية والعقلية من حين إلى حين، لأني أومن بأن النقد البريء من الغرض صورة جميلة من صور العطف والرفق والإعزاز، وأصدقائي يرون في هذا المسلك ما أراه، إلا أن ينحرفوا عن القصد فيروه من مذاهب الاستطالة والكبرياء، كالذي وقع من فلان وفلان وفلان. على أيامي في صحبتهم ومودتهم سلام الروح وتحية الفؤاد!

أما بعد فما هذا الذي تقولين؟

كنت مريضة منذ شهور طوال؟؟؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>