للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لله الحمد وعليه الثناء، فما كان المرض أهول ما أخاف، وإنما كنت أخاف عليك بغي وعدوان العقوق!

كان قلبي في تلك الشهور يهتف بالشوق إلى الروح اللطيف الذي كان يتصدق على بالسؤال من وقت إلى وقت، ثم انقطع عني مع قدوم الصيف، كأن لم يكف ما حل بنا من المخاوف مع قدوم الصيف! كان قلبي يقول ويقول ويقول، لقد قال كل شيء، ولم يقل إنك مريضة، ولو أنه قال لقدمته فداء لأظرف فتاة فهمت أسرار قلبي وسرائر روحي

كنت يا مولاتي أرجو دائماً أن أصل من الهتاف بالحب إلى محصول نفيس من فهم ما في الوجود من تيارات خفية تصنع ما تصنع في وصل القلوب بالقلوب، والأرواح بالأرواح، بلا جهد ولا مشقة ولا عناء

فهل أستطيع القول بأن قلبك الغالي كان من نفائس ذلك المحصول؟

وأعيذك أن تظني - وبعض الظن حق - أني أستهدي لمحة جديدة من لمحات العطف، فأنا راض بأن تظلي محجوبة عني، مادام لك هوى في ذلك الحجاب، فهو على كل حال فرصة ثمينة لمن يزدهيها أن تقول: أتحداك أن تعرف من هي (ليلى من الليالي)

وأنا يا مولاتي أعرف، فلقلبي أرصاد وعيون يطلع بها على الذخائر التي تفرد بها وطني، الوطن العظيم الذي ينجب عرائس لها أرواح في مثل روحك العذب الجميل

وهل خفي عني منك شيء؟

في كل لفظة من رسائلك الكريمة عروس تتخطر وتميس في دلال وكبرياء، وفي كل نبرة من صوتك الرنان - ولم أسمعه إلا عن طريق التليفون - في كل نبرة من صوتك لحن ينقل قلبي برفق ولطف إلى أجواز الخلود

فإن كنت فتاة حقيقية، فأنت البشير بأمل معسول، وإن كنت فتاة خيالية، فأنت المطلع الجميل لأنشودة رائعة من وحي الخيال. . .

ولي غرض من هذا التشكيك، فما أحب أن تكوني أنت أنت، لئلا يعرف السفهاء باب التطاول على نجم السماء

إن الغرض الأصيل من نجوانا هو خلق روح جديد في الأدب الحديث، ولابد من أن نقول مثل هذا القول دفعاً لمكايد الرقباء، وهل يكون السياسيون أعقل منا وهم يستبيحون تسمية

<<  <  ج:
ص:  >  >>