(لم يكن مصطفى كمال رجلا من رجال المصادفة والحظ. . يرفعه إلى الزعامة غباء الأمة. وإنما كان من الصفوة المختارة الذين يضم الله فيهم الهداية للقطيع الذي يوشك أن يضل. والحيوية للشعب الذي يأبى أن يموت.)
الزيات بك
- ٦ -
انتهى الكفاح المسلح. . . وخرجت تركيا من الحرب منتصرة ظافرة. . وبذلك بدأت الحياة تدب في قلب الوطن التركي من جديد. . واضطر الحلفاء أن يعترفوا باستقلال الأتراك. . ويعيدوا إليهم حريتهم المسلوبة. . وأراضيهم المحتلة
ومن عجيب المتناقضات. . أن هول هذه النكبة التي حاقت باليونانيين. . كانت أكبر سبب في إزالة العداء بينهم وبين الأتراك. . وإنشاء علاقات ودية بين حكومتي أنقرة وأثينا. وهكذا نفذ مبدأ تقرير المصير عن طريق السيف والنار. . والذبح والتدمير
وإن الباحث في تاريخ الحركة الكمالية يرى أن هناك ظروفا - لم تخل من مزايا - ساعدت مصطفى كمال وأتباعه. . على الوصول إلى هذه النتيجة الباهرة. . التي لم يكن يتوقعها الأتراك أنفسهم
وهذه المزايا يمكن تلخيصها فيما يلي:
أولا: نجد الترك في سنة ١٩١٩ - ١٩٢٠ قد تخلصوا - إن طوعا وإن كرها - من عبء إمبراطوريتهم. . وكانت عبئاً أثبتت الحوادث أنه لم يكن لهم طاقة بحمله
ثانياً: في الحروب الماضية لم تنفذ الأطماع الأوربية إلى أرض الوطن التركي نفسه. أما عند نهاية الحرب العالمية. . فقد قسمت تركيا إلى مناطق نفوذ بين الدول الكبرى. . فكان لذلك أثر كبير. إذ دبت في صدور الأتراك عاطفة وطنية قومية. . تهدف إلى استقلال الوطن. . لا إلى استبعاد الغير. .