ثالثاً: أنهكت الحرب العالمية قوى المتحاربين جميعا لا فرق في ذلك بين المنتصرين والمنهزمين. . ولذلك لم يعبأ الرأي العام في الغرب بغضب رجال السياسة. . ولم ينل اليونانيون مساعدة جدية. . من جانب الحلفاء. . . مما ساعد الكماليون في حركتهم القومية
رابعاً: عملت الحكومة البلشفية في روسيا على تشجيع الكمالين ومساعدتهم. علهم يتمكنون من إجلاء الحلفاء عن القسطنطينية. . وسد المنافذ للبحر الأسود
ويرى الأستاذ محمد شفيق غربال. . أن هذه المزايا الأربع. . كانت عظيمة الأثر. . كبيرة الخطر. . ولكن لا يقلل هذا من عظمة مصطفى كمال. . وحسن بلاء أتباعه. . إذ لم تكن إذ ذاك واضحة وضوحها لنا الآن. . وكان قيامه بالحركة كله جرأة وإقدام وبعد نظر
وإذا أردنا أن ندرك عظمة الجهود التي قام بها مصطفى كمال. . فلنرجع إلى خطابه الذي ألقاه أمام حزب الشعب سنة ١٩٢٧م. . والذي جاء فيه. . (وهناك أمران مهمان في صدد هذه الفترة. . أولهما: أنه كان يسود في الأذهان فكرة وجوب عدم إغضاب الدول الكبرى المنتصرة. أثناء البحث في وسائل الخلاص. . وكانت فكرة عجز الأمة عن الوقوف أمام واحدة منها. . فضلاً عن الجميع. . . راسخة رسوخا قويا في الأذهان. . ولم يعد منه شيء أبعد عن المنطق والعقل في نظر الناس من الوقوف في وجه قوى الحلفاء
أما ثانيهما: فهو الارتباط التام بمقام السلطان الخليفة انسياقا وراء التقاليد الدينية والوطنية التي مرت عليها الأجيال. . ولم يكن أحد قادرا على فهم معنى الخلاص من غير الخليفة. وكان من يشذ عن هذا المفهوم. . يتهم باللادينية. . واللاوطنية. . والخيانة. . .)
ومع هذا الفساد في الحكم. . والتشاؤم من المستقبل المظلم القاتم. . وفقدان الثقة بعظمة الأمة التركية وحيويتها. . كانت خطب الزعيم مصطفى كمال. . وأقواله المأثورة منذ أوائل الحركة النضالية وفي أثنائها. . وبعدها. . تدل على أن ما صدر عنه من توجيهات. . وأعمال قضائية. . وسياسية. . وانقلابية. . وإصلاحية. . في مختلف النواحي. . لم يكن مرتجلا، وإنما كان يدل على عظمة حقيقية
بعد أن انتهى مصطفى كمال من تحقيق غرضه الأول. . وهو الحصول على الاستقلال الوطن التركي. . بدأ ينظر في حالة البلاد الداخلية. . فكان أول عمل قام به هو الفصل بين السلطنة والخلافة. . وإلغاء السلطنة نهائياً من البلاد