وقد كان لهذه القصائد في نصرة أهل البيت وتأليب الناس على بني مروان أثرها في النفوس، حتى لهج بها الخاصة والعامة، وصار الناس يتقربون إلى الله والرسول بحفظها وتلاوتها ويتناقلون في ذلك رؤى عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان الكميت يرى بعضها، وكان غيره يرى بعضاً آخر منها، فارتفعت بهذا منزلة الكميت وعلت درجته بين قومه بني أسد حتى كانوا يعدونه من مفاخرهم، ويقولون: فينا فضيلة ليست في العالم، ليس منزل منا إلا وفيه بركة وراثة الكميت، لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال له أنشدني:
طَرِبتُ وما شوقاً إلى البيض أطْرَبُ
فأنشده فقال له: بوركت وبورك قومك
ويروي من طريق آخر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه وهو مختف بعد أن هرب من سجن بني مروان فيما سنذكره من سيرته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مم خوفك؟ فقال: يا رسول الله من بني أمية، وأنشده:
ألم ترني من حُبِّ آل مُحمدٍ ... أروح وأغْدُو خائفاً أترقّبُ
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اظهر فإن الله قد أمنك في الدنيا وفي الآخرة
وحدث إبراهيم بن سعد الأسدي قال: سمعت أبي يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال: من أي الناس أنت؟ قلت: من بني أسد، قال: من أسد بن خزيمة؟ قلت: نعم، قال: أهلالي أنت؟ قلت: نعم، قال: أتعرف الكميت بن زيد؟ قلت: يا رسول الله عمي ومن قبيلتي، قال: أتحفظ من شعره شيئاً؟ قلت: نعم، قال أنشدني: