كنت شغلت نفسي عدداً من السنين بالدعوة إلى جعل اللغة العربية لغة التدريس في جميع كليات الجامعة المصرية، وانتهزت فرصة اشتراكي في المؤتمرات التي تعقدها (الجمعية الطبية)، فجعلتها مواسم لبث هذه الدعوة بين المشتغلين بالعلوم من أبناء الأمم العربية، وما زالت ألح حتى مللت وأمللت، فانصرفت عن نشر تلك الدعوة وأنا آسف حزين
واليوم أطلع على عبارة تستحق التفات مدير الجامعة ووزير المعارف، فقد جاء في النشرة التي أصدرتها الجامعة العبرية بالقدس أن جميع الدروس في تلك الجامعة تلقى باللغة العبرية ما عدا بعض دروس اللغات
فما معنى ذلك؟
معناه أن اليهود يرون لغتهم قديرة على التعبير عن جميع المعاني في مختلف الأغراض، وإنهم يرون من القومية أن يدرسوا آداب اللغات الأجنبية باللغة العبرية، مع استثناء طفيف يوجبه الحرص على التعمق في بعض اللغات
فكيف تعجز لغة العرب عما قدرت عليه لغة اليهود؟
إن اللغة العبرية لم تكن يوماً لغة علم ومدنية على نحو ما كانت اللغة العربية، فكيف استطاع اليهود أن يخلقوا من لغتهم أداة صالحة لدرس مقومات التمدن الحديث، بعد أن ظلت في غيابات السجن عشرات الأجيال؟
الجواب حاضر، ولكن أين من يسمع؟
والجواب أن اللغات لا تقوم بنفسها، وإنما يقوم بها أهلوها الجواب أن اللغات من صنع الناس، وإن كانت في بعض صورها من مواريث التاريخ، فما كان يجب على العرب في