للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتب وشخصيات]

زهرة العمر. . . لتوفيق الحكيم

للأستاذ سيد قطب

مدرسة توفيق الحكيم الفنية

ترددت قبل أن أكتب (مدرسة توفيق الحكيم) فالواقع أن كلمة (مدرسة) تعني في نفسي شيئاً كثيراً؛ وليست هي مجرد الأسلوب الفني وطريقة التعبير؛ إنما هي هذا وشيء آخر، هي طريقة الإحساس والتفكير؛ بل هي طريقة حياة حين تؤخذ بمعناها الواسع الأصيل.

وليس من الضروري أن يكون هناك أتباع وتلاميذ، كي يتحقق معنى (المدرسة)، فتلك مسألة تأتي مع الزمن؛ إنما المهم أن توحد العالم الواضحة المستقلة التي يلتقي عليها التلاميذ والأتباع حين يوجدون في زمن قريب أو بعيد.

هذه المعالم هي سمات إنسانية وفكرية ونفسية تجتمع أصولها لتلاميذ المدرسة الواحدة ثم تفترق ألوانها وأنماطها حسب الأمزجة الخاصة والملكات الفردية. وتتبعها طريقة التعبير، أي الأسلوب الفني الجامع لتلك السمات.

فهل نستطيع بعد هذا البيان أن نقول: إن لتوفيق الحكيم مدرسة؟

نعم نستطيع! ولكننا نحتاج بعدها إلى التحفظات المحددة لحقيقة ما نعنيه. فتوفيق صاحب أسلوب فني واضح السمات - هذا ما لا جدال فيه - وهو كذلك صاحب طريقة في الإحساس والتفكير، ولكن هذه الطريقة ترجع إلى مزاجه الشخصي وتكوينه النفسي، أكثر مما ترجع الطبيعة العامة وهذا كلام يحتاج إلى التوضيح!

يجنح توفيق الحكيم إلى أن يعيش في داخل نفسه أكثر مما يعيش في خارجها، فلا تهمه الحياة المنطلقة في الخارج كما تهمه الحياة التي يصورها خياله كما يريد، وهنا تولد وتعيش تلك المخلوقات الفنية التي يرسمها على هواه من أمثال شهرزاد وشهريار وبيجماليون وعنان ومختار. . . الخ.

فما منشأ هذا؟ منشؤه هو إشفاق توفيق من الحياة، وضعف الحيوية في كيانه الجسدي. وقد يكون هذا الضعف علة ذلك الإشفاق، ولكن مما لا شك فيه أن هناك أسباباً أخرى في نشأته

<<  <  ج:
ص:  >  >>