خلوت إلى قلمي لأكتب فصلا للرسالة أتحدث فيه عن بعض الخصائص الإسلامية، ثم أخذت أستعرض تاريخ الإسلام في القديم والحديث عساني أجد مسألة واضحة الحدود يصل فيها القلم إلى شيء بعد جهاد ساعة أو ساعتين
وما هي إلا دقائق حتى اهتديت إلى موضوع تضيق عنه الأعمار، ولكنه مع ذلك واضح المعالم لا يكلف القلم إلا بعض العناء، ليصل الكاتب إلى طوائف من الصور تمنحه التشرف بالمشاركة في إحياء ذكرى الهجرة النبوية
اهتديت إلى القول بأن (الإسلام دين النضال). فما معنى ذلك؟
ارجعوا إلى تاريخ الرسول وتواريخ الخلفاء. ومن تلا الخلفاء من الملوك والسلاطين في الممالك الإسلامية، لتعرفوا أن الإسلام في جميع عصوره لم يكن إلا دين نضال
وشريعة الكفاح وضع قواعدها نبي الإسلام: فهو أول رسول تجشم مكاره الجندية في سبيل العقيدة، وأول رسول تعرض للقتل مرات كثيرة في سبيل المبدأ، وأول رسول عاش عيش التأهب للقتال في جميع الأحوال
دخلت عليه ابنته وهو يعاني سكرات الموت فتوجعت لما هو فيه من الكرب فنظر إليها وقال: لا كرب على أبيك بعد اليوم! والناس يفهمون أن الكرب الذي تحدث عنه الرسول هو كرب الموت. أما أنا فقد فهمت أنه يشير إلى ما عانى في حياته من أرزاء وخطوب، وقد عاش دهره كله وهو في بلاء بالناس والزمان، فما انتقل من حرب إلا إلى حرب، ولا خلص من عناء إلا إلى عناء، فحياته هي الشاهد على أن المجد لن يكون إلا من حظوظ المكافحين
والعبرة الأصيلة من حياة هذا الرسول هي الصفة الجدية بين شمائله العالية. والصفة الجدية تظهر في سيرته منذ عهده الأول، فقد نشأ يتيماً، واليتم يحمل النفس على الشعور بالغربة في محيط الوجود، والغريب يقهر على اصطناع الجد في جميع الشؤون
ومن هنا يظهر السر في عنايته بتدليل سبطيه الحسن والحسين، فقد كان يشعر أنه يقدم إليهما سروراً فاته الظفر بمثله وهو يتيم