لعل الحركة الأدبية في مدينة حيفا أظهر مما هي في المدن الأخرى من فلسطين، فهذا النشاط الدائب الذي نراه في جمعياتها وأنديتها يجعلنا نقول بهذا الرأي، ويعزز قولنا ما تطالعنا به في كل مناسبة من مهرجان تقيمه أو ذكرى تحييها تستفز بها الهمم وتوحي إلى الأدباء والشعراء
وقد طلع علينا في العام الماضي نادي أنصار الفضيلة في حيفا بديوان الأصائل والأسحار للشاعر الشاب حسن البحيري، وإذ قرأنا فيه كلمة اللجنة الثقافية للنادي، تلك اللجنة التي (أخذت العهد على نفسها أن تخدم لغة الضاد وأن تناضل لتذود عن لغة القرآن، وأن تبحث وتنقب عن تلك الكتب الضائعة المخفية وراء ظلام الوحدة لتخرج بها إلى عالم النور) أقول إننا إذ قرأنا هذا رأينا أي نهضة أدبية تتطلع إليها عيون الشباب في فلسطين وأي مطمح نبيل يساور قلوبهم المتفتحة للنور. فأفعم نفوسنا الأمل المشرق وملأها جمالاً وجلالاً وإيماناً بالمستقبل.
هذه ظاهرة ميمونة لم أر بدا من الإشارة إليها إذ أقدم بين أيدي القراء ديوان (أفراح الربيع) لشاعر حيفا حسن البحيري، أو شاعر الحب والجمال كما يسميه صديقه الشاعر المصري أحمد رامي
نقرأ في هذا الديوان كتاب الطبيعة المفتوح وقد زافت في منظرها الفتان، وفي جوها الذي سبح فيه خيال الشاعر تتضوع الأزهار وترف الأنداء على ثغورها رقيقة براقة، وهناك الجدول الراقص يستضحك من فرط الطرب (ويعزي من بكى عما بكى) بل هناك الدنيا ترف أمام عيوننا طيباً ونوراً وتمتلئ شذي وعطوراً
وللموسيقى وسحر إيقاعها نصيب وافر من الديوان، وكثيراً ما نستمع إلى حنين العود وأنين الناي فيه، فتتم لنا صور جمال الطبيعة، تلك الطبيعة التي نشأ الشاعر في أحضانها المفوفة وعل من جمالها ونهل؛ والشاعر كما يلوح لنا موسيقي بطبعه وله هيام لا حد له بالموسيقى، نلمس ذلك في (ألحان شاردة) وهو القسم الثاني من الديوان. حيث يستهله