للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي

وكيل كلية العلوم

بستور والكلب المسعور

وصل الفائت

اكتشف بستور لقاحا لداء الكلب هو عبارة عن ١٤ حقنة من مكروبه بعد إضعافه إضعافا متفاوتا في المقدار يحقن به المريض. وجرب هذا في الكلاب فكان النجاح. فلما أراد تجريبه في الآدميين تخاذل وخشي العاقبة. حتى جاءه ولد عضه كلب مسعور فأشار عليه الأطباء بتجربة اللقاح فيه لأنه ميت لا محالة ففعل ونجح اللقاح، وكان أول لقاح نجح في آدمي

عندئذ ذهبت عن بستور مخاوفه، وفارقته وساوسه. فكان موقفه من هذا الطفل هو عين موقفه من أول كلب حقنه رُو باللقاح في مخه بغير رضا أستاذه. خشي بستور على الكلب أن تُثقب جمجمته، فلما ثَقَبها رُو بغير علمه وصحّ الكلب من بعد ذلك، أكَبّ بستور على رؤوس الكلاب تثقيباً وعلى جماجمها تخريقاً. وهاهو ذا الآن يخشى عاقبة اللقاح الجديد على الطفل المكلوب؛ فلما صح الطفل واشتَفىَ من دائه، ماتت في نفس بستور شكوكه ومخاوفه، تلك الشكوك والمخاوف التي لم تتغلغل أبدا في نفسه تغلغلا كبيرا، ومع هذا تراءت له جسيمة واضحة، أرته إياها نفسه الفنّانة وهي تكثّر القليل وتجل الغامض. ثم إذا به يصيح للدنيا يُعلن أهل الأرض أن في إمكانه دفعَ الكلَب عنهم وحمايتَهم من بلواه

وأخذت جماهير المكلوبين المعذبين تتدفع إلى معمله بشارع ألم تطلب ربّه، ربّ المعجزة الكبرى. وجاء على هذه الحُجر القذرة القليلة حينٌ من الدهر وقف فيها البحث العلمي وقوفا كاملا. واشتغل بستور وعَوْناه في فرز الخلائق التي اجتمعت عليهم من كل أمة. وتعدّدت لغاتهم، فكنت تسمع أنغاماً متنافرة، وألسنة متباينة، كلها تصيح صيحة واحدة: (بستور!

<<  <  ج:
ص:  >  >>