كتاب للأستاذ سلامه موسى يحمل طابعه المعروف، إهداء إلى الأستاذ أحمد أمين لأنه هو الذي أوحى إليه بموضوعه من حيث لا يدري (أحمد أمين بك يوم أن نشر مقالاً في الثقافة) يشير إلى أن الكلمات تتغير معانيها بتغير الزمن والبيئة. . .
والأستاذ سلامة يرى أننا نفكر بالكلمات وكثيراً ما ننخدع فنظن أننا نعالج الأشياء قي حين أننا نعالج الأسماء ونرى أن الكلمات تكسينا اتجاهاً أخلاقياً وتكون لنا مزاجاً فنياً وأحياناً تحمل إلينا رواسب ثقافية قديمة كثيراً ما تضرنا في مجتمعنا، وهو من أجل هذا عالج في كتابه البيئة واللغة، واللغة والتطور البشري، واللغة والمجتمع، والأحافير اللغوية. وتعرض إلى ضرر اللغة (هكذا في الكتاب)
وقارن بين الكلمة الموضوعية والكلمة الذاتية وتحدث عن المجتمع العربي القديم.
وعقد فصلاً حول (الكلاسية داء الأدب العربي). . . الخ وليس في الكتاب بحث يتصل بالبلاغة بمعناها الاصطلاحي إلا كلمة (فن البلاغة)
والكتاب بحوث حول اللغة كأداة للتعبير وحول تبسيطها وإخضاعها للحياة المعاصرة.
ومع أن الكتاب في جملته بحوث تثير التأمل إلا أن الكتاب لم يأت بجديد يحل مشكلة اللغة من ناحية البلاغة؛ لأن نهاية إجهاد قلمه كانت تتلخص في (أن تكون البلاغة بلاغة المنطق والمعرفة بدلاً من بلاغة الانفعال والعقيدة، كما يجب أن نتوقى المرادفات والكلمات الملتبسة وأن نميز بين الكلمة الذاتية والكلمة الموضوعية.
ثم يدعو الأستاذ إلى أن يتأنق (التلميذ) في تعبيره ولكن تأنق الذكاء وليس تأنق البهرجة البديعية. . . وهذه الأماني تحققها كتب البلاغة حتى الكتب القديمة.
والأستاذ يعرف أن بلاغة العقيدة هي أشد أنواع (البلاغات) وأن المترادفات متى استدعتها دواعي البلاغة كانت الزم في تظليل المعنى وإيضاح الفكرة، والفن العاري المجرد لا يهز النفس ولا يمتع الروح، والأستاذ (سلامة) في حاجة إلى أن يراجع آراءه القاسية التي تريد للغة أن يكون من وحي (التلغراف)
وعليه أن يعرف أن فن البلاغة خضع للتطور، وأن أدباء العرب لم يقدموا شيئاً كما ظن