للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[شفاء الروح]

لصاحب العزة محمود بك تيمور

أخي المؤمن:

قصارى ما يطمح إليه فؤادك أن تكون سعيدا، وإنك لتسعى جاهدا غير وان، باذلا كل مرتخص وغال لا قبلة لك إلا أن تحظى بتلك السعادة المنشودة.

ولكنك تظلم نفسك أن عددت السعادة فيما يتراءى لك من عروض الحياة، كالغنى والجاه. فهذه العروض التي يستعصي عليك منالها، والتي تحسب الخير أجمع فيها، ربما كانت هي باعثة الشقاء، ومدعاة العذاب.

وأنت فقد تجاهد وتجالد، حتى تبلغ مأربك من هذه العروض، وما هي إلا أن يتجلى لك ما خفي عنك، فتعرف بعد لأي انك كنت مخدوعا تظن السراب ماء، وان الغنى والجاه وما إليهما من مظاهر الحياة إنما هو زيف زائل وزخرف باطل.

ويوم تقف على القمة بعد أن صعدت في السلم الذي استهواك، ترى انك لم تظفر من جوهر السعادة بطائل، وان من حولك غيوم الحياة وظلماتها مطبقة عليك، وانك لم تنكشف عنك البأساء والضر. . .

ولو سمت نفسك إلى أن تستكنه سر ذلك، لعلمت على يقين أن المظهر قد غرك، فقفوت أثرهم، واسترسلت في طلبه، فلم تعن بالمخبر واللباب!

أخي المؤمن:

إن للسعادة لنبعا فياضا هو (الروح). . .

فمن تنكب عنه، لم يظفر برشفة منه، ولو أدلت إليه السماء بأسباب، ومن فطن له بلغ السعادة من أقرب باب!

ولا تبلغ الروح هذا المبلغ من إسعاد الإنسان إلا إذا توافر لها الصفاء والنقاء، فإذا هي تخف، وإذا هي تسمو إلا آفاق علوية ترفعت عن الشوائب والأدران

فهل لي أن أكاشفك بما اسميه (تجربة) أو (وصفة) تنيلك ما تريده لروحك من صفاء وتطهر، حتى تصل إلى شفاء النفس وتتوافر لك السعادة الحقة؟

لست أفجؤك بما يروعك سماعه، أو يعييك فهمه، أو يتعصى عليك إنفاذه. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>