للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنها وسيلة بالغة الشيوع، قريبة التناول، بيد أن الناس قلما يلتفتون إلى سرها العظيم، أثرها الناجع، فهم لا يتخذونها على النحو الذي يحقق تلك الغاية العالية. . .

أخي المؤمن:

نصحي إليك أن تضع مصحفا فوق وسادك، لا تتخذه تميمة من التمائم، ولا تعويذة من التعاويذ. . . وإنما تتخذه نبعا فياضا تستقى منه لروحك صفاء، ولنفسك شفاء!

ليكن من دأبك في إصباحك ألا تقع عينك أول ما تقع إلا على هذا الكتاب الخالد، فرتل منه ما تيسر وأملا سمعك بتلك الآيات البينات، تمتعك بسحر البيان، وروعة الإيقاع، واترك حكمتها البالغة تسري في وليجة نفسك، فتضئ من جوانبها ما أظلم، وتجلو منها ما صدئ، فإنك لا تلبث أن تحس روحك قد انسكب عليها فيض يكفل لها الطهر، ويثير فيها الانتعاش. . .

أنعم بذلك بدءا نهارك الوضاح!

لتصبحن وقد شاع في أساريرك بشر، وامتلأت نفسك بالثقة، ولتقبلن على عملك نشطا في تيمن وانشراح

وليكن كذلك من دأبك في ليلك أن يكون ذلك المصحف آخر ما تقع عليه عينك قبل أن تسلم أجفانها للمنام، فرتل من أي القرآن ما وسعك أن ترتل، تطهيرا لنفسك مما علق بها من غبار يومك؛ ونم على وقع تلك الأهازيج القوية سابحا في أحلام طيبة كلها روح وريحان. . .

أعمل بتلك السنة لا تنحرف عنها يوما، وأتخذها لك منهجا وإماما، وانظر كيف تصير من حال إلى حال، وكيف يتكامل لك حظك من سعادة النفس ونعيم الروح. . .

ولا تنس هذا القرآن العظيم في غدو ولا رواح. فإن ألمت نازلة، أو حزب أمر، فاجعل من آيهِ لك مفزعا تستظل فيه من حر ما تجد، وإنك لشاعر من ساعتك بأن الغمة لا سلطان لها عليك وأن لك جلدا لا يهن، وعزيمة لا تخور. . .

أخي المؤمن:

مزية جليلة لك أن يكون ذلك الذخر الخالد من كلام الله تراثا دانيا منك، تلتمس فيه علاج نفسك، وصفاء روحك، وتمتلك به ناصية السعادة بمعناها الأسمى، ذلك لأن هذا القرآن

<<  <  ج:
ص:  >  >>