(مقدمة الجزء الأول من كتاب حكايات الأطفال بمناسبة الطبعة
الأخيرة منه.)
للأستاذ كامل كيلاني
من المشاهد المألوف إن الطفل إذا قص عليك خبراً، لجأ إلى تكرار الجمل كأنما يتثبت من معانيها في ألفاظها المكررة، فلنكتب له - وهو في هذه السن - محاكين أسلوبه الطبيعي في تكرار الجمل والألفاظ، لنثبت المعاني في ذهنه تثبيتاً، ولنكرر له الجمل برشاقة، لنسهل عليه قراءتها، فإن لكل مقام مقالاً.
ومن المقرر أن الطفل - في هذه المرحلة - ملول يتهيب الكتاب، فلننزع من نفسه هذا الملل، ولنحبب إليه الكتاب بكل وسيلة، فنبسط له الأسلوب تبسيطاً، ونكثر له من الصور الجذابة الشائقة التي تسترعي انتباهه، لنشعره أن الكتاب تحفة تُهدى إليه إهداء، وليس واجباً يكلَّف به تكليفاً، فإن الطفل - إذا ساء ظنه بالكتاب - صعب اجتذابه إليه بعد ذلك.
وقد وفق أكثر من تصدوا لتأليف كتب الأطفال توفيقاً عجيباً في تبغيض القراءة إلى نفوسهم، وتنفيرهم من المطالعة، فأصبحوا يمقتون الكتاب أشد المقت، ويهربون من قراءته، لأن المؤلفين لم يراعوا سن الطفل وميوله ورغباته، ولم ينزلوا - أو هم على الحقيقة - لم يستطيعوا النزول إلى مستواه ومخاطبته باللغة التي يفهمها وترتاح إليها نفسه، ومن الإنصاف أن نقرر - بصراحة - أنهم لم يضعوا كتبهم على نسق خاص أو منهج بعينه، وأنهم في تأليفهم لم يتشبعوا بفكرة فنية تنتظم الكتاب وتؤلف بين أجزائه؛ لأنهم يقنعون بتصيد موضوعات الكتاب - كيفما اتفق لهم أن يتصيدوها - فيخرج الكتاب خليطاً مضطرباً لا تؤلف بين أجزائه فكرة بعينها، ولا يتناسب أسلوبه مع مدارك الأطفال.
إن الطفل ميال - بطبعه - إلى الحكايات والقصص، وهو بغريزته مفتون برؤية الصور الجذابة. فلنختر له منها ما يناسب سنه، ويتفق مع ميوله ورغباته وتفكيره، وقد حفزنا هذا الاعتبار إلى تأليف (قصص للأطفال) بالأمس، كما حفزنا اليوم إلى تأليف (حكايات الأطفال). وقد كتبنا الأولى لكبار الأطفال، والثانية لصغارهم. ولقيت قصص الأطفال -