أرنولد الشعر وسنه لم تتجاوز الأربعين حيث اعتقد أن الشعب الإنكليزي لا يفهم الفن والشعر مطلقاً، وإنما يهتم بالأمور المادية فحسب، وهذا ما حمل أرنولد على أن يهاجم مجتمعه هجمات شديدة في كتابه الأول الذي أصدره في عالم النثر. ومن هذه السنة إلى يوم وفاته يندر أن نجد له قصيدة مشهورة، فقد وجه معظم انتباهه إلى النقد والنثر والسياسة.
كان أرنولد من أنصار المدرسة الكلاسيكية التقليدية في أفكاره، ولذا نراه يحاول أن يعيد لهذا العصر بهاؤه ورونقه بعد أن طغت عليه صروف الزمان وظهرت تلك الثورة الأدبية المخيفة التي بدأ بها الشاعران وليم وردزورث وكولردج سنة ١٧٩٨، عندما أخرجا إلى العالم كتابهما الخالد:(القصائد الغنائية)، فقضت على الأدب الكلاسيكي قضاء مبرماً. ولكن أرنولد بدوره رغب في الرجوع إلى المواضيع الكلاسيكية القديمة، فنظم بها عيون قصائده كقصة تريسترام وامبدوكليس وميروب، وكان ينكر على الرومانتيكيين فرديتهم ومحاولتهم إشباع رغبتهم فحسب، بينما في الحقيقة على الشعب أن يهتم بالآداب العالية في جميع اللغات، ولا يقتصر بحثهم على الآداب الإنكليزية فقط.
وقد حمل حملة شعواء على المتطهرين لاعتقاده أن هذه الفكرة أو هذا المذهب يحصران الدماغ في محيط لا يتجاوزه ولا يتعداه، وهذا مما يضيق نطاق الأدب، ويهدم ذلك الصرح الذي بناه الأدباء من سالف العصور.
وعلى الإجمال فإن أرنولد يعد من خير حملة الأدب في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وشهرته آخذة بالازدياد شيئاً فشيئاً، فلا غرو أن رأيناه بعد مدة ليست بالطويلة يتبوأ محله اللائق به في عالم الفن والنقد والأدب.