تكلف، ومع كل هذه الميزات فإن شوسر لا يعد من كبار الشعراء المقلدين. فقد كانت تعوزه المقدرة على ضبط الوزن والموسيقى الشعرية التي نجدها كثيراً في شعر الشاعر الخالد دانتي الإيطالي، ولكن يمكننا أن نجزم أن هذه الموسيقى لم يستطع أحد من الشعراء الإنكليز حتى عصر وليم شكسبير أن يأتي بمثلها أو يقلدها.
واعتقد أرنولد أن عصر درايدن وما تلاه من العصور كان عصر تأليف وابتداع وترقية للشعر عما سلفه من العصور. وكان درايدن يظن أن أسلافه لم يفهموا الشعر الإنكليزي حق فهمه. وكولي نفسه لم يؤمن بشاعرية شوسر ونبوغه. وعندما أراد جوزيف أديسن أن يمتدح شعر درايدن اتخذ من قصائده مثلاً أعلى للمقابلة والمقارنة. وكان الاعتقاد السائد طوال القرن الثامن عشر أن درايدن وجونسون وبوب وأديسن هم فحول الشعر الذين لم يجارهم سابق ولا لاحق.
وهنا يسائل أرنولد نفسه: أنعتبر درايدن وبوب شعراء مقلدين؟ وهل التقدير التاريخي في معظم الكتب الأدبية لهذين الشاعرين تقدير صحيح؟ فقد أنكر وردزورث وكوليردج على هذين الشاعرين مقدرتهما الشعرية. ولكن القرائن والدلائل تشير بأنه سيأتي يوم عما قريب، ترجع فيه سطوة القرن الثامن عشر الشعرية، ويرجع الناس إلى تقدير شعرائه وكتابه.
وينتقل أرنولد بعد هذا البحث الطويل في الشعر إلى تطور النثر وأثره في الأدب الإنكليزي. وفي هذا الكتاب تتجلى لنا عظمة أرنولد في النقد، وكيف ينقد بأسلوبه اللاذع الكتاب والشعراء من أسلافه ومعاصريه.
ولأرنولد كتب أخرى أهمها كتاب:(الثقافة والفوضى) وكتاب: (القديس بولس والبروتستنية). وكتاب:(الأدب والعقائد) وكتاب: (الله والتوراة) وغيرها من الكتب الكثيرة.
خاتمة:
مما تقدم في بحثنا عن حياة ماثيو أرنولد وفنه، يمكننا أن نتأكد من أن حياته كانت مثمرة مفيدة. فقد كتب قبل وفاته أكثر من عشرين كتاباً اعتبر البعض منها من أحسن ما كتب في اللغة الإنكليزية.
ويجدر بنا قبل أن نختم مقالنا أن نضيف بعض الحقائق التي لا غنى لنا عنها. لقد هجر