للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الأغاني]

بقلم أبي الفرج الإسكندراني

رواية الأستاذ عبد اللطيف النشار

صوت

وأطلس عسال وما كان صاحباً ... رأى ضوء ناري موهناً فأتاني

فقلت ادن دوني أيها الذئب إنني ... وإياك في زادي لمشتركان

البيتان من قصيدة للفرزدق، والفرزدق ليس من الشعراء المعاصرين بالطبع؛ ولكن اللحنين اللذين صنعا فيهما عصريان. أما أحدهما فللأستاذ أحمد أمين على نغمة مصرية هادئة، وأما الآخر فللدكتور زكي مبارك على نغمة باريسية ثائرة

حدثنا الأستاذ أحمد الشايب قال: أو لم أقل لكم إن أفضل تقسيم للأدب أن يكون على أساس من اختلاف الثقافات؟ فالأستاذ أحمد أمين مثال للثقافة المصرية المشبعة بالروح الإنكليزية. والدكتور زكي مبارك مثال لثقافة المصرية المشبعة بالروح الفرنسية؛ ومن ثم كان الفارق بينهما؛ فهذا هادئ رصين والآخر ثائر صاخب

قال الأستاذ الشايب: وسأحدثكم عن مثل يبين اختلاف الثقافتين: قيل إنه قد طلب إلى ثلاثة من الأدباء أحدهم إنكليزي والثاني فرنسي والثالث ألماني أن يكتبوا شيئاً عن الجمل، أما الفرنسي فذهب إلى حديقة الحيوانات وكتب في وريقة ما معناه:

(يا لله! ما أعجب وما أغرب! خف لين، وصبر بين، ووسادة تحت الصدر، وسنام فوق الظهر! يا لله!)

وعدداً آخر من النثر المشعور أو الشعر المنثور، ثم عاد أدراجه ودفع بما كتبه ارتجالاً إلى من ألقى عليه السؤال.

وأما الإنكليزي فارتحل إلى بلاد العرب، وأقام فيها سنين اشترى في خلالها جمالاً ونوقاً وراقبها من يوم مولدها إلى يوم موتها وأحصى مقدار ما تأكل كل يوم، ومقدار ما يؤخذ من لبنها، ومن وبرها، وعدد ما تنتج. فلما انقضت الأعوام عاد فوضع كتاباً عن تاريخ الجمل.

قال الأستاذ الشايب: ولا علينا الآن أن نقول شيئاً عما فعل الألماني، ولكنني أكتفي بهذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>