ولما كانت هذه الغرفة محروسة من المساند والمناضد فقد طرحت أرضاً هذه النقوش والقطع الأثرية؛ وبعضها مرصوص على جوانب الجدران؛ والجزء الأعظم من الآثار الصغيرة محشوٌ في أجواف صناديق النَّفْط. . .
والزائر الذي يأتي لمشاهدة هذه الآثار لا يسمح له بدخول هذه الغرفة بل يقوم الحارس بعرض بضاعته من الداخل فيطرحها على أرض الشباك بحيث يتمكن الزائر من المشاهدة والملاحظة وهو في الخارج؛ وفي أغلب الأحيان تَمْلُص من يدي الحارس بعض التماثيل فتهوي إلى الأرض محطّمة؛ وفي جلافة وعدم مبالاة، يركلها برجليه إلى إحدى الزوايا!
إن الله وحده الذي يعرف كم تحوي هذه البقاع اليمنية من الآثار والتماثيل ذات الجلال والسموّ. وما ذلك الفن السامي الذي ازدهر في هذه الربوع المتمثل في هذه الخرائب الأبدية وفي هذه التماثيل العديدة للنساء والرجال المفرغة في المرمر الحرّ والرخام المجزع، إلا صورة حية ناطقة لذلك الفن الرفيع العريق في هذه البلاد منذ أقدم العصور! يدلنا على هذا كله وجود تمثالين في متحف صنعاء بلغا حد الإتقان والإبداع.
أولهما (ش١) يمثل رأساً من البرنز لشاب أو شابة من أبناء تلك البلاد على وضع فني جميل يشبه إلى حد ما أحسن التماثيل الإغريقية القديمة، وقد وجد في غيمان
والثاني (ش٢) تمثال عظيم مصوغ من البرنز وجد في خرائب النخلة الحمراء يمثل بطلاً عارياً منسجم الأعضاء جليل الصورة. ومما يدعو للأسف أن العمال الأغرار أثناء الحفر تناولوه بالتهشيم فذهب شئ كثير من روعته، ولكن الآن لحسن الحظ أعيدت صورته الأولى، وأجبرت كِسْراته وصقلت حواشيه، واستقام على قدميه بقوة أسلاك معدنية
والحق أن مثل هذه الآثار كثيرة الوجود تحت الأنقاض وفي بطن الأرض ولكنها تتطلب مجهوداً عظيماً يكلف كثيراً في بلد يقوم على هذا الوضع من الحياة والعزلة