- لا! إن سبأ بعيدة المنال، صعبة الوصول، فأنا لم أرها منذ سنين، وزيادة على ذلك فما هناك طريق واضح؛ فهل من المعقول أن أتركك تذهب حيث لا طريق معبد؟ أنا أريد أن أراها ولكن لا سبيل إلى الوصول إليها. . . هناك حتى يومنا هذا لا يزال جزء عظيم من بقايا السد قائماً في شكل يثير الإعجاب! تصور جيداً أنه شيد كله من الصخر الأصم؛ وهذه الصخور تتألف من ثلاثة ألوان: خضراء وحمراء وشهلاء. . . وعلى مقربة من السد تقوم نقرة عظيمة حفرت جداول توزع منها المياه إلى الحقول والبساتين التي جمع منها السبئيون كل غناهم وجاههم!
- والمدينة يا مولاي؟
- حطمها السدّ وغزتها المياه من كل جانب فغمرتها رواسب كثيرة شفافة، وما زالت أطرافها شاخصة في عظمة واستكبار. . . فهناك على مساحة عظيمة تطفو على وجه الأرض أعمدة وأحجار؛ وأجل هذه الآثار شخوصاً (عرش بلقيس) ذلك المعبد العظيم الذي شيده سليمان لملكة سبأ. . . واليوم عزمت على تعبيد الطريق من صنعاء إلى مأرب فتخترقها السيارات بسهولة!
إن الآثار المدهشة التي تكشفت عنها بلاد العرب الجنوبية تراها اليوم موزعة بين متاحف أوربا؛ وليس لها أثر كبير في بلاد اليمن اللهم إلا أشياء ضئيلة في متحف صنعاء مجموعة في نظام يستدر الشفقة، ويبعث الحسرة!
ففي متحف تِرْمى بروما يمكنك أن تتمتع بمشاهدة آثار سبأ وحْمير وسائر ممالك اليمن القديمة. . .
فهناك نقوش كثيرة وقطع من الفن الهندسي الرائع، وتماثيل ضخمة منحوتة من الصخر جمعها الدكتور أنسالدي أثناء رحلته إلى بلاد اليمن أخيراً واستطاع أن يأخذها إلى إيطاليا بموافقة الإمام!
أما المتحف الذي أنشأه الإمام يحيى في العاصمة اليمنية فهو عبارة عن (غرفة!) من قصر خصِّص لنزول البعثات الأجنبية تتكدس في هذه الغرفة آثار اليمن القديمة!