انتهى من أبحاثه وهم بالرجوع هاجمته جماعة من البدو المسلحين ولكنه نجا بأعجوبة!
وبالرغم من هذه المتاعب الكثيرة التي صادفت هذا المغامر، وبالرغم من افتقاره للآلات العلمية المتممة لأبحاثه فقد نجح هذا العالم الأستَرْيِى في طرق اختباراته فجمع ما يناهز ٨٥٠ نقشاً حِمْيرياً وبان لعلماء الآثار أن هذه المنطقة، من أرض سبأ، غنية بآثارها عميقة في أسرارها!
أما الإمام يحيى فقد توعد بالعقاب الصارم كل من تحدثه نفسه ببيع هذه الحفريات للأجانب؛ كما أنه أقفل أبواب سبأ في وجوههم ولكن أحد هؤلاء المجازفين حاول الوصول إلى مأرب من حضرموت فاكتشف أمره وقبض عليه، ودفع إلى ما وراء الحدود!
ودفعت المغامرة غيره في وقت قريب، فوصل هذه الأرجاء فعثر على شظايا أثرية، وتماثيل عجيبة لدى جماعات من البدو فابتاعها منهم وشحن منها صناديق. . .
وكل من لاقيته في هذه البلاد وسألته عن أسباب هذه المتاعب الجسيمة التي يلاقيها الرحالة في أرض سبأ راح يشرح لي أسباباً كثيرة، وأموراً غريبة!
أخبرني أحد العلماء قال:(هناك في أرض سبأ تعيش قبائل مخيفة من البدو لا يعلمون عن العالم شيئاً، بل يجهلون كل الجهل من حولهم؛ يعبدون الله ولكن على صورة تخالف ما عندنا، ويأكلون اللحم النيئ؛ وفي قبائلهم تعيش جماعات من النبلاء والأشراف يستبدُّون بالضعيف، ويسخرونه في حرث الأرض، والدفاع عن الحوزة؛ لهذا ترى من الحكمة، وسداد الرأي، أن الإمام مصيب في منعه الأجانب من دخول هذه الأقاليم الرهيبة التي لا تعرف من سلطة الإمام إلا القليل. . .)
وتشرفت بالمثول بين يدي الإمام، وبما أنه معروف عن جلالته الطبع السمح. والخلق اللين؛ فقد بادهته بهذا السؤال:
- هل يأذن لي صاحب الجلالة في زيارة بلاد سبأ؟
ولشد ما كانت دهشتي عظيمة عندما رأيت ابن حميد الدين يستوي في جلسته ثم يصيح بي قائلاً:
- سبأ؟ أرى أن مشاهدتك واستكشافك هنا خير وأولى! أمكث في صنعاء إلى ما تشاء! وإذا لم يعجبك هذا فدونك ما حوالينا من القرى الجميلة، والأودية النضرة، فانهب من الجمال ما