ولى عبد الله بن طاهر بعض بنى أعمامه مرو، فاشتكاه أهلها، ووفد جماعة منهم على عبد الله وشكوه إليه وأكثروا القول فيه. فقدر أنهم يتزيدون عليه فلم يعزله، فلما انصرفوا قال بعض المشايخ أنا أكفيكموه، وورد على عبد الله فسأله عن حال البلد، فأخبر بالهدو والسكون، ثم سأله عن خبر واليهم، فوصفه بالفضل والأدب وما يجمعه والأمير من النسب، وبالغ في ذكر الجميل ثم قال: إلا أنه، ونقر بإصبعه على رأسه نقرة (يعني أنه خفيف الدماغ).
فقال عبد الله: ما للولاة والطيش: اعزلوه فعزله.
وأنصرف الشيخ إلى مرو فأعلمهم انه عزله بنقرة. .
٦٧٤ - أبو نؤاس والعباس بن الأحنف
في (المثل السائر) لأبن الأثير:
لما دخل أبو نؤاس مصر مادحاً للخصيب، جلس يوماً في رهط من الأدباء وتذكروا منازه بغداد فأنشد مرتجلاً:
ذكر الكرخ نازح الأوطان ... فصبا صبوة ولات أوان
ثم أتم ذلك قصيدة مدح بها الخصيب. فلما عاد إلى بغداد دخل عليه العباس بن الأحنف وقال: أنشدني شيئاً من شعرك بمصر، فأنشده (ذكر الكرخ نازح الأوطان) فلما استتم الأبيات قال له: لقد ظلمك من ناواك، وتخلف عنك من جاراك، وحرام على أحد يتفوه بقول الشعر بعدك.
فقال له أبو نؤاسوأنت أيضاً يا أبا الفضل تقول هذا، ألست
القائل:
لا جزى الله دمع عيني خيراً ... وجزى الله كل خير لساني