وفي هذا الوادي مرت عليّ تجربة قاسية شعرت معها بأني هالك لا محالة، فقد عراني ظمأ ملح، جفف حلقي، وحشرج أنفاسي، وجعل صدري ضيقاً حرجاً. ولكني لم أيأس ولم أهن، بل اعتصمت بالصبر، وأجمعت أمري، وإذا أنا بأصوات تطرق أذني، وغناء عذب يهبط علىّ بالسكينة والأمل، ثم إذا رجال من الساتي كانوا يتجولون هناك، وكان فيهم رجل رحل إلى مصر فعرفها وأحبها، وقد عرفني الرجل فأكرم وفادتي، وسقاني ماء ولبناً فرويت وشبعت، وقادني إلى خيمته، وأضافني هو ومن معه فأحسنوا ضيافتي، ثم دعتني قبيلة أخرى إلى الإقامة بينهم فلبيت دعوتهم، ونزلت فيهم أياماً، ثم رحلت شرقاً حتى بلغت بي الرحلة أدوم فنزلتها.