للأستاذ محمد فريد أبو حديد. وكيل المدرسة التوفيقية الثانوية
يسر الرسالة أن تقدم إلى قرائها صديقاً من خيرة أصدقائها وهو الأستاذ محمد فريد أبو حديد صاحب (ابنة الملوك) التي تحدث عنها بالخير الأستاذ جيب في العدد الماضي، ومؤلف (صلاح الدين) وكاتب (المرحوم محمد) ومترجم (فتح العرب لمصر) لبتلر. والأستاذ فريد من أصفى أدبائنا شعوراً وأخصبهم قريحة وأوفرهم انتاجاً، وهو جندي باسل من جنود الأدب العربي، أغرم بالقراءة والبحث والكتابة وأسرف حتى خامره من ذلك داء مؤلم موئس عقله عن إخوانه وتلاميذه وقلمه بضعة شهور، فنحن بتقديمه اليوم إنما نقدم التهنئة الخالصة لأصدقائه بسلامته، والبشرى الطيبة لعشاق أدبه بقراءته.
(التحرير):
قرأت مقالين قيمين في الرسالة بعنوان (مجمع البحور) تعرض فيهما كاتباهما المفضلان إلى الشعر المرسل ومكانه في اللغة العربية. وليس بالعجيب أن ينفر بعض الكتاب من أسلوب لم يألفوه كما أنه ليس بالعجيب أن ينكر الأديب بدعة في الأدب العربي إذا ظن أن تلك البدعة قد تدخل إليه ما لا يزينه أو ما قد يتخذ سبيلاً إلى التزييف والابتذال. ولكنا مع ذلك لا نجد بدا من التسليم مع المنطق السليم بأنه إذا كان يراد إدخال بعض أنواع من التأليف في اللغة العربية فلا بد من وسيلة لفك قيود القافية. فالقافية غل متين يمنع الاسترسال في القول وإذا كان الاسترسال والإطالة لازمين كانت القافية حجر عثرة لا بد من إزالتها. فالشعر القصصي والرواية الشعرية لا بد فيهما من ترك القافية أو الاحتيال عليها لأنه من الطبيعي في الشعر القصصي أن يصور الشاعر صوراً كثيرة واضحة قد يحتاج في تصويرها إلى نظم آلاف الأبيات. وبذلك يحتاج الشعر القصصي إلى أن يكون النظم حراً لا يلتزم فيه قافية تضطر الشاعر إلى ما يجعل المعنى مبهما أو مقتضبا. وفي هذا وحده علة وجود الشعر المرسل في لغة مثل اللغة الإنجليزية.
وإنما يورد للشعر المرسل عيبان أولهما أنه يحرم الأذن من موسيقى القافية. والثاني أنه يحطم الحدود بين الأبيات فلا ترتاح الأذن إلا ما اعتادته من الوقف في آخر كل بيت والترنح مع الوزن من بدء مقدور إلى خاتمة منتظرة. وهذا قول لا شك في أن به حقا