للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مسابقة الفلسفة لطلاب السنة التوجيهية (٦، ٧):

٧ - في الوجود وعلله

للأستاذ كمال دسوقي

أما وقد وقفت على العلل الأربع لابن سينا وأرسطو من قبله، وعرفت ما هي منها علل الوجود، وما هي علل الماهية، ورأيت أن غرضنا هنا ليس إلا علتي الوجود: الفاعلية والغائية من حيث هما موجودتان لعلتي الماهية: الهيولي والصورة؛ فإنه يجدر بنا أن نبسط لك أنواعاً من الفروض في ترتيب الموجودات وأقسامها عند ابن سينا، قبل أن نوغل معه في إلهياته.

ذلك أن الموجودات تنقسم باعتبارها المادة والصورة إلى ما لا مادة له ولا صورة، وإلى ما له مادة وصورة، والصورة وإن كانت توجد مفارقة للمادة، فإن هذه لا يمكن أن تعري عن الصورة، ولا يكون وجودها بدونها وجوداً بالفعل - بل بالقوة، وترتيب الموجودات على هذا الأساس - وبحسب شرفها وأحقها بالوجود هو أولاً: الجوهر المفارق غير المجسم، ثم الصورة المجردة، ثم الجسم - الذي هو في مادة وصورة - ثم الهيولي التي هي مجرد مادة وجودها بالقوة، وأخيراً الأغراض التي تلحق بهذه الجواهر: كالكيف والكم والمتى (الزمان) والأين (المكان) والفعل والانفعال - والوضع. . . الخ

والموجودات باعتبار وجودها واجبة وممكنة، فواجب الوجود هو الموجود الذي متى فُرض غير موجود عرَض منه محال، وممكن الوجود هو الذي متى فرض موجوداً أو غير موجود لم يعرض منه - هذا ضروري وذاك لا ضرورة له، وليس وجوده أولى من عدمه أو العكس. واجب الوجود يكون واجب الوجود بذاته أو لا بذاته - أي بغيره، فالذي بذاته هو الذي لا بشيء آخر، أي شئ يلزم محال من فرض عدم وجوده. والذي لا بذاته هو الذي لو وضع شئ غيره مكانه صار واجب الوجود مثله كالأربعة عند فرض اثنين واثنين، وكالاحتراق عند وجود المادة المحرقة والمحترقة وعلة الاحتراق.

وتستطيع على ضوء هذه المعلومات أن تفهم كيف يتدرج بك ابن سينا إلى إثبات واجب الوجود لذاته - الذي هو الله - فالعلل الموجدة للشيء في مقابل العلل المقومة للماهية، تكون علة للصورة وحدها كالسرير بعد أن يصنعه النجار - أو علة للصورة والمادة معاً -

<<  <  ج:
ص:  >  >>