للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

الأمواج.

لأحمد الصافي النجفي

يتغنى الشاعر العراقي الفاضل في هذا الديوان بنغمات جديدة طريفة. فهو لا يسمعك مدحا في أمير أو سلطان، ولا تجد في شعره تلك العواطف المبتذلة، وليس في الكتاب نسيب يستحق الذكر. وإنما يتغنى الشاعر في ديوانه هذا بأنشودتين جليلتين الأولى الفضيلة والثانية الوطنية. وليس الموضوعان بالشيء الجديد، ولكنه يتناولهما بطريقة جديدة، ويسمعك في الأنشودتين نغمات جديدة. ولقد عاش شعراء العرب هذه القرون الطويلة وهم يحرقون فنهم بخورا أمام أصنام بشرية زائلة، ألم يأن لهم أن يقضوا قرونا أخرى يمجدون الفضيلة والوطن وهما من الموضوعات الخالدة؟

ولكي يفهم القارئ كيف يتناول المؤلف هذه الأغراض نذكر هنا القطعة الآتية:

قد كثر الفقراء ظلم ذوي الغنى ... لم يكثر الفقراء حكم الباري

كم عاش قوم من طوى، قوم وكم ... عمرت ديار من خراب ديار!

فلرب قصر بالجماجم مبتنى ... ولرب نهر بالمدامع جاري

كم مجتن ثمرا ولم يغرس، وكم ... من غارس لم يجن من أثمار!

عجز الفقير عن استعادة حقه ... فأحال ذنب الفقر للأقدار

أغني! لا تسخر بزفرة بائس ... كم من دخان منذر بالنار

وفي الكتاب قطع وقصائد كثيرة تردد هذه النغمة وأمثالها. وكلها دليل على أن الشاعر يرى أن عليه واجبا نحو وطنه ونحو بني جنسه، وان الشعراء يجب أن يكونوا رسل إصلاح لا مجرد عصافير تغرد وتطرب، وتنشدك ما تعاني وما تكابد، وما تحرق لها من مهج، وما سال من عيونها من دمع، إلى آخر ما هنالك مما تجيش به أشعار الأدب الضعيف.

وفي عدد مضى من الرسالة مقالة للأستاذ أحمد أمين في أدب القوة وأدب الضعف، وبهذه المناسبة نرى واجبا علينا أن نعلن أن هذه (الأمواج) من أدب القوة. .

ويتناول المؤلف أحيانا موضوعات أخرى في الوصف مثل قصيدته في (الشاي) و (الحنين إلى الطبيعة) و (الليل والنجوم) ولكن نزعة الوطنية والفضيلة هي الغالبة البارزة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>