نظر الكاتب العسكري الفاضل الملازم الأول سيد أفندي فرج نظرة مجملة في كتابنا (عبقرية خالد) الذي هو أقرب الكتب في (العبقريات) إلى موضوع الكتابة العسكرية، فأثنى عليه وتناول بالملاحظة والنقد مواضع منه متفرقة يرجع معظمها إلى حواشي الموضوع دون صميمه
والثناء يخصنا فلا محل له من التعقيب بيننا وبين قراء الكتاب أو قراء الرسالة. أما الذي نعقب عليه هنا فهو مواضع النقد والملاحظة التي تحتاج إلى جلاء وتفرقة بين وجهة النظر ووجهة النظر في رأي الجندي الأديب
قال حضرته:(يرى الأستاذ العقاد أن الخليفة الصديق كان يضع الخطط التي ينفذها خالد. . . ولكن النصح شيء ووضع الخطط شيء آخر، والمثال قريب. فإننا نرى في الحرب الحاضرة أن الرئيسين روزفلت وتشرشل - وأيضا فوهرر ألمانيا - يرسمون الخطط العامة، أي يحددون الأهداف ويرسمون مع قادتهم ما يحتاجه الموقف من حشود ومعدات، ثم يبدأ دور القائد العام فينظم قواته ويوزع واجباتها ثم يقوم بتحريكها إلى الساحات المعينة. . . وهي أمور لا يعرفها الرؤساء المدنيون الذين لا تتيح لهم ظروفهم دراسة الميدان وأوضاع العدو وفهم ضرورات الموقف الحربي العام)
والذي يبدو لنا أن الناقد الفاضل قد نسي الشيء الجدير بالذكر في هذا المقام، وهو أن الفرق بين أبي بكر الصديق وخالد إبن الوليد ليس كالفرق بين روزفلت وتشرشل وبين إيزنهاور ومنتغمري وويفل وسائر القواد
فخالد بن الوليد لم ينشأ في مدرسة عسكرية غير المدرسة التي نشأ فيها الصديق وسائر الخلفاء عليهم رضوان الله. وما يفهمه الخليفة من مواقع القتال العربية شبيه بما يفهمه القائد الحاضر في الميدان. فهلا غرابة في سبق الخليفة ببعض الخطط على حسب المعلومات التي اجتمعت لديه، وإن كان هذا لا ينفي أن الشاهد يعلم ما ليس يعلمه الغائب، وأن القائد في تنفيذه يضطلع بالمهمة العملية وينفرد بها دون الخليفة صاحب الخطة أو صاحب النصيحة، وهذا الذي رجحناه حين قلنا: (إن خالدا قد تولى التنفيذ في ترتيب