حينما أرسلت خيالي يرود لي ما يقع عليه (عرش الشمس) الذي يتبوأه اليوم الفاروق، من البحر فوق، إلى البحيرات تحت، عرفت في نفسي كلاماً يُوحِي إلي أن خذ قلمك وسر في موكب التتويج جندياً يحمي أو شاعراً يغني! فأنه موكب يسير فيه واحد وأربعون قرناً هي كل تاريخ الإنسانية الذي وعته ذاكرتها. . وتحتشد فيه الدنيا لرجوع شباب (أمِّها) في مَلِك نظيف المادة مكتمل، واسع الروح قِدّيس الحياة، قد صنعه الله على عينه، وآتاه البسطة في العلم والجسم، واختار له ذلك الاسم الذي يومئ الزمن به إلى تاريخ وقف وتاريخ أقبل، وخالطه بحكماء أذكياء على علم تام بكمالات النفوس وواجبات الملوك، وعبد له طريق الحكم وأزال منه الأشواك ورفعه على عرش لا تخفق فوقه راية أجنبية، وأعده ليكون ملكا بطلا ومربياً شعبياً وقائد جيل!
وهأنذا في الموكب أهتف: -
أشهد أن لا إله إلا الله يا مليكي! فلا أعبدك. . . ولا أنسى بك ملكك وبارئك وإلهك. . . كمن فتنوا بعبادة الملوك في الماضي، ومن لا تزال في قلوبهم بقية من هذه الجاهلية في الحاضر
ولكني أجد في قلبي سطوة الحب لمعناك الذي أخرجه الله على قلوب الناس إخراجاً مفاجئاً في ظرف غريب، كما يُخرِجُ الفجر فتطْرفُ له كل عين، ويتفتح له كل قلب، وتغسل الأرض به من الظلام!
ولمعناك يا مولاي في ذهني صورة تمتد امتداد النهار. . . فتقع على الزنجي في جنوب الوادي، وعلى الإسكندري ومن بينهما فحبك حب هؤلاء جميعاً، لأنك المعنى الندي الذي ينضح الله به قلوبهم الجافة، ويبثه فيها رحمة مهداة.
هي صورة مؤتلفة الأصباغ من ألوان برك الذي واليته على أمتك تقول به لها: أنا لك!
ومن كمالك الذي تستعلن به مصر في كل مكان وطئته قدماك وتقول للناس: أنا هو!
ومن دينك الذي نقول له: يا سلاماً من رحمة الروح لنا. . وظلا ظليلا من سلطان الله في