ومن شبابك الذي يقول به الزمان لمصر: تجددي تجددي يا أم أبي الهول! تجددي في آمال قلبك أيتها العجوز. .!
كلا! ليس مصادفة ومحض اتفاق أن يضع أبوك العظيم اسمك الكريم على ذاتك المفداة. . . وإنما هو الإلهام والإرهاص الذي ترسله المقادير حين تريد أن تحدث انقلاباً تضطرب به أحشاء الزمن، وأن تحجز بين تاريخين بحاجز من قدرها. .!
كلا! ليس مصادفة واتفاقاً أن تخرجك المقادير على مسرحها هذا الإخراج الفني العجيب الذي استجمعت فيه كل براعتها وحسها وبلاغتها في التكميل والتجميل: فأفرغت ذاتك في نصاب الرجولة ووشتها بألوان الروض. . . وقدست روحك بدين السماح وأضاءت عقلك بنور العلم. . . وزينت قلبك بمختار الأخلاق ومصطفاها. . . وإنما يراد بك أن تكون صورة من صور الكمال الإنساني يراها شبان هذا الزمان فيسيرون إلى الكمال الأعلى وفيك لهم أسوة. .!
كلا! ليس صدفة أن يتكون قلبك في عهد ثورة الأمة وزلزلتها حين ذهبت تدق بيدها المضرجة باب الحرية الحمراء، تقرعه على مسمع (أسد) ظافر بما سلب، تياه بما غلب، بطاشٍ بمن يجأر أو يهمس بالكلمة المقدسة: الحرية! حتى ظفرت منه بما زلزلت الأرض له. . . وإنما كان ذلك من الأقدار صبّا لقلبك الملكي في القالب الذي صبت فيه قلوب شباب أمتك ليكون الإحساس الوطني تحت ضغط الثورة، على سواء في الأعلى والأدنى. . . وذلك هو المقياس الصحيح لوحدة الأمة وعرشها. .
فليكن هذا كله في موضع التأمل من عقول الشباب والأمل من صدورهم والعمل من أجسادهم؛ فأنها برسالة تطلب جنوداً ذوي أرواح من شعل، وقلوب من جبل، وأجسام من عمل!
ولتهنأ الأمة بملك يدرك الحرية ويعرفها معرفة الرأي الذي كان يدور في عقله حينما يرى تلاحم الحجج بين حُماتها وغُزاتها. . ويعرفها في قلبه معرفة الدم الذي كان يفور فيه حينما يسمع أن دما من دماء جنوده الشبان سفك على مذبحها. . .
وليهنأ الملك بالعرش الذي يقدمه إليه واحد وأربعون قرناً. . . ويحمله أربعة من أبطال