للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

وفاة شاعر ومباهج شعراء

دعا جماعة من الشعراء، يوم الجمعة الماضي، إلى ندوة شعرية ينشدون بها في (مباهج الصيف) بحديقة جمعية الشبان المسيحية، وكان بين هؤلاء الشعراء الذين سيقولون في المباهج أسم الشاعر صالح الشرنوبي، ولكن الأقدار أبت على الطائر الذي ظل حياته كسير الجناح أن يذهب إلى فننه ليغرد، وشاءت أن تصنع مفارقة في مجال الشعر والأدب، فقد نشر نعي الشاعر في نفس العدد (من الأهرام) الذي نشر به أسمه مع شعراء الندوة!

عرفت الأستاذ صالح الشرنوبي من نحو عام، لقيته أول مرة في إحدى الأمسيات بندوة (الرسالة) ولقيته بعد ذلك بضع مرات، وقرأت له شعراً أطربني، لمست في شخصه روح الإنسان وأنس الأديب، ورأيت في شعره روعة الفن وصدق الأداء ولمحت فيه رقة الحال المستترة بالتجمل، ويخيل إلي أنه كان يتجمل بالشعر. . كان يعيش بقصائده التي تعمر جيبه. . ولم يكن يشعر أحداً بحاله، فقد كان من البؤساء المتعففين، فلم يثر جلبة حوله، وكان حيياً متواضعاً، إن ذكر شعره بالثناء خجل وأبدى شكره في تواضع عذب.

إنسان رقيق النفس ورقيق الحال، عاش وديعاً موادعاً، ومر بأصدقائه ومعارفه مرور النسمة اللطيفة، وكان في مصر. . ومع ذلك برز أسمه بين الشعراء!

ويظهر أن شدة الأيام قد استحت من طول محاسنته، فحاسنته، وأخذت به منذ شهور إلى مكان في تحرير جريدة الأهرام. وأخيراً أراد أن يتغنى بين إخوانه الشعراء بمباهج الصيف، ولكن الموت عاجله، فخلى مكانه في الندوة، وكان موته حرياً أن يحيلها كلها إلى حزن وحداد، ولكن الشعراء - سامحهم الله - منحوه نصف ساعة ذكروه فيه على عجل، ثم أسرعوا إلى مباهجهم منشدين!

بدأت الندوة بكلمة من الأستاذ خالد الجرنوسي، رثي فيها الفقيد وعبر عن أساه لفقده، وألقت الآنسة روحية القليني أبياتاً في رثاء الشاعر، كما ألقى الأستاذ أحمد عبد المجيد الغزالي قصيدة رثاء أيضاً كانت أحسن ما قيل في الندوة، ووقف خطيب لم يعلق اسمه بذاكرتي فارتجل كلمة كنا نسامحه على ما جاء فيها من أخطاء وما لابسها من فهاهة لولا أنه ألقى

<<  <  ج:
ص:  >  >>