أجملت كتب اللغة في هاتين الكلمتين أجمالا سرت منه إلى ألسن المستعملين أخطاء باستعمالهم كلمة الضرر بالفك فيما يساوي معاني كلمة الضر بالإدغام، غافلين عما تضمنه سر عدم إدغام الحرفين في كلمة الضرر من التنبيه على الاحتراز من استعمالها فيما يساوي معنى كلمة الضر المدغمة
فوجب بسط هذا البحث وتحقيقه؛ ذلك أن في اللغة فرقا في اعتبار بنية الفعل يظهر أثره في حالة مصدره، فالمصدر الذي على وزان فعل بفتح العين إنما يجيء مصدرا من الفعل الذي ماضيه على زنة فعل بكسر العين ومضارعه على زنة يفعل، وهذه البنية مصوغة لأفعال السجايا والوجدان مثل فهم وفرح وجوى، ولأفعال الاتصاف بالعاهات مثل مرض وشلل وعمى وزمن
فلأجل ذلك ففعل ضر الماضي إذا استعمل متعديا فحركة عينه في الماضي تقدر بالفتح لأن مضارعه مضموم العين. قال تعالى:(لن يضروكم إلا أذى_لا يضركم من ضل) فهو جار على قاعدة أن المضاعف المتعدي المفتوح العين في الماضي ينقاس في مضارعه ضم العين، عدى ما استثنى مما جاء بالكسر على خلاف القياس أو جاء بالوجهين الضم والكسر ومصدر ضر هذا المتعدي الضر يوازن فعل كالنصر مفتوح الضاد
وقد وجب فيه إدغام أول مثليه لأن أولهما ساكن وثانيهما متحرك. فالإدغام واجب، فلذلك قالوا ضر كقوله تعالى:(ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا).
وأسم المصدر منه الضر يضم الضاد. ومنه قوله تعالى:(ثم إذا كشف الضر عنكم) وقيل الضر والضر لغتان في مصدر ضر المتعدي جريا على ما جاء باللغتين في الأسماء نحو الشهد والشهد تغليبا لجانب الجمود في المصدر على جانب الاشتقاق، والقول الأول أصح وأقيس