نقرأ في الصحف التي تعنى بالدراسات المسرحية العالية أنباء شتى عن المسارح المعروفة كما نقبل مشغوفين على دراسة آدابها؛ ولذلك ليس بالعجيب أن نسمع أن جمهرة قراء الصحف المصرية ونقاد المسرح ودعاة هذا الفن وهم كثيرون يعرفون - إن لم يكن عن دراسة - حركات التطور الفكري في المسرح الإنجليزي وحب الفرنسيين للمسرحيات الاستعراضية الراقصة في الوقت الذي يفضل فيه الألمان (الأوبرات الكلاسيكية) وهكذا
ولكن هؤلاء جميعاً لا يعرقون - وقد زحمتهم الصحف بعدد محصور من الأنباء عن مسارح خاصة - أن في العالم مسارح أخرى وآداباً مسرحية عريقة غير تلك التي يعلمون. بل مَنْ من هؤلاء جميعاً يفكر في ترك دراسة المسرحين الإنجليزي والفرنسي - ولو إلى حين - ويعرج على دراسات أخرى أكثر تعمقاً وأنقى فكرة وأرقى فلسفة ثم يأتي بعد ذلك ليطالعنا بدراسة مقارنة؟!
إن الفكرة التي قدمت من أجلها العجالة السابقة لن تجد الأذن السميعة، ولذا أجد نفسي مضطراً لطرق الباب وفق طريقة سبقني إليها غيري في تقدمة المسارح المعروفة إلى جمهرة القراء وجموع المتأدبين آملاً أن يجد دعاة النقد المسرحي في مصر مادة جديدة لهم عند ما يتحدثون عن مسرح جديد بالنسبة إليهم وهو المسرح النرويجي
والنرويج بلاد في طبيعتها ما يساعد على خلق أدب مسرحي يعبر عن البيئة والأفكار التي تجول في رؤوس هذا الشعب الذي يعيش في شبه عزلة عن العالم. بل إن النرويجيين قوم خياليو النزعات ميالون إلى الابتكار الخرافي، ولذا كان لهم مسرح وكانت لهم آداب مسرحية، وفي بلادهم مسرحان قوميان أسسا في أواخر القرن الماضي أحدهم في العاصمة (أوسلو) والثاني في مدينة (برجن)
وقد ظل هذان المسرحان القوميان في عملهما دون أية حاجة إلى مساعدة الحكومة حتى عام ١٩٢٧ عندما فكر أولو الأمر في مساعدتهما مادياً فأجدت المساعدة وشجعت على إيجاد مؤسسة فنية أخرى هي (المسرح النرويجي)