وقبل ظهور الكاتبين النرويجيين هنريك أبسن وبيورنسون لم تكن للمسرح النرويجي أهمية تذكر، وكان محصوراً داخل دائرة خاصة لا صلة تربطها بالحياة الأدبية؛ ولكن ما حل عام ١٨٥١ وعين الشاب هنريك أبسن في وظيفة فنية بمسرح (برجن) حتى بدأ المسرح النرويجي عهداً جديداً. فهناك كتب المؤلف الشاب مسرحيته الأولى وما بعدها مفرغا في كل ما كتب تجاريبه الفنية ومعلوماته التي استفادها من عمله، والتي صارت دستوراً لمن أتى بعده لا من كتاب النرويح بل لجميع الكتاب في كل أصقاع العالم
ولعل الظروف التي قيضت هنريك إبسن لخلق مسرح نرويجي جديد لم ترد أن تتركه يناضل وحده فشدت أزره بمؤلف مسرحي آخر ظهر في نفس الوقت هو بيورنسترن بيورنشون. وكان أن ظهر على خشبة المسرح عدد كبير من نوابغ الممثلين والممثلات الذين ساروا جميعاً وفق طريقة تقليدية ظلوا يتوارثونها حتى شهدها الجميع أخيراً عندما احتفلت كبيرة ممثلات النرويج جوهان دايبواد البالغة من العمر سبعين عاماً بيوبيلها الذهبي ونجحت هذه الطريقة نجاحاً كان مثار حسد الشباب الذي قام ينادي مطالباً بالتجديد
ولقد اقترن ظهور ابسن وبيورنسون بنهضة فكرية كانت مؤلفاتهما المسرحية مثارها. وبدأ الشعب يقبل على التمثيل وآدابه كفن ضروري جميل مثل الموسيقى والنحت والتصوير والدراسات الأدبية. . . كما أثبت ظهور هذين الكاتبين أيضاً أن (الدراما) تستطيع أن تحتل مكانة أرفع وتصل إلى مستوى عظيم، ومن هنا نشأت النهضة المسرحية وأقبل الناس على المسرح فظهر نوابغ الممثلين وعظيمات الممثلات، واستحالت بلاد النرويج في العصر الحديث إلى ما يمكننا أن نشبهه بأثينا في عصورها الذهبية القديمة، فلم يكن عسيراً وقد ارتقى كتاب المسرح بإفهام الناس أن تنشأ المسارح القومية وأن تعمل فيها الفرق الأهلية وأن يقبل عليها الشعب مشجعاً مما حفز بعض المهيمنين على المرافق من ذوي المكانة على إغراء الدولة لتضع هذه المسارح تحت رعايتها وتقدم لها المساعدات اللازمة
ولرب سائل يسأل وقد عرف أن للفرقة القومية المصرية برنامجاً تعمل على تنفيذه وإليه يرجع السبب في إنشائها وإن لم تكن قد حققت منه أي شيء. . . وبدوري أسارع فأقول إن للمسارح القومية في بلاد النرويج أغراضاً ترمي إليها، وبرامج من اللازم أن تنفذ ما جاء فيها، وإلا تعرض القائمون بالأمر فيها للمسئوليات الجسام من مادية وأدبية. ولعل أهم ما