للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بعد الفاجعة]

أماه. . .

للآنسة أمينة قطب

الثلاثاء ١٥ أكتوبر سنة ١٩٤٠. . .

أماه. . .

أتراني أقوى الآن على أن أكتب شيئاً؟ يخيل إلي أني لا أستطيع، وأن استطعت فبضع كلمات لا تعبر عما في نفسي

لقد كنتِ القوة الغريبة التي لا تُشِع الحياة في عقولنا ونفوسنا، فنفكر ونحس، ونقوى على العمل. كنت الأمل الباسم الذي ينير لنا الحياة. كنت المصباح الهادي نسير على ضوئه غير مبالين ما يعترض طريقنا من صعاب

والآن ماذا فقدنا بفقدك يا أماه؟ لقد فقدنا كل شيء. فكفت عقولنا عن التفكير، وأظلمت نفوسنا، وخمدت فيها جذوة الحياة

كل هذا ولما يمضي أسبوع على غيبتك. فيكيف تمر بنا الأيام والسنون؟

هاهو ذا القمر الذي كنت أجلس إليه الساعات الطوال أتأمل في جماله وما يسبغه على الكون من جمال وسحر. هاهو ذا الآن يسطع أمامي ويملأ الكون نوراً، فماذا أرى فيه، أنه رقمه صفراء أو بيضاء لست أدري! لا توحي إلى النفس بشيء، بل تشوه الفضاء الواسع بلونها الباهت المريض. . . أي تبدل هذا الذي تم في نفسي خلال أسبوع؟. . . ويحيى ماذا أقول؟ أسبوع فقط؟ أني لأحس به سنين وأجيالا

آه ما أقسى الحياة، حين تموت في النفس الحياة!

أماه. . .

بربك تعالي وأعيدي إلينا الحياة. أن هذه الوحدة قاسية ومؤلمة. ولن نستطيع احتمالها أكثر من هذا الأسبوع! تعالي فلن نستطيع احتمالها السنين الطوال

أماه. . .

هل أطمع في تلبية ندائي؟ هل أطمع في عودتك يوماً من الأيام؟

الجمعة ١٨ أكتوبر. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>