أوضحنا في مقال سابق نشأة (الإتيكيت) وضرورته في الحياة. واليوم نتحدث عن آداب تناول الطعام. وكل ما أرمي إليه هو التذكير بأشياء بسيطة كثيراً ما تغيب عن أذهاننا مراعاتها دون قصد أو لعدم معرفة
وأريد أيضاً أن أوضح عادات بعض البلاد الأجنبية في تناول طعامهم، ولا سيما أن كثيراً من أهل الشرق يزورون تلك البلاد الآن أكثر مما كانوا يفعلون قبلاً. ومن المستحسن أن يعرف الإنسان عادات الناس حتى لا يضايقهم ولا يضايق نفسه، كما لا يصح أن يكون عرضة للنقد وفي استطاعته تلافي ذلك
وإني لا أنكر أنه قد أثرت في نفسي بعض الحوادث التي كثيراً ما تحدث من الرجل أو من السيدة أثناء حضورهما الحفلات أو ولائم الغداء أو العشاء. وإني لا أنسى أبداً ذلك السيد وزوجه وقد كانا عروسين جديدين احتفى بهما بعض أقاربهما بمناسبة زفافهما فدعوهما إلى وليمة غداء. كان من بين ألوان الطعام الأكلة المصرية المشهورة (ملوخية) من النوع السائل لا (البوراني). ولما حان دور أكل الملوخية وضع النادل (السفرجي) ملعقة صغيرة على طرف كل صحن أمام الآكلين لترفع بها الملوخية إلى الفم ثم يؤكل الخبز
لكن السيد العريس لم ينتبه لاستخدام الملعقة، كما لم يلحظ كيف يتناول الباقون الملوخية، فقرصته عروسه في الخفاء ونبهته إلى مراعاة الإتيكيت، ولكنه استمر يصنع من الخبز ملعقة يرفع بها الملوخية من الصحن إلى فمه. ولم تطق الزوجة المسكينة صبراً على أن يُنتْقد زوجها في وليمة شبه رسمية، فنبهته مرة أخرى بينها وبينه، ولكنه ثار في هذه المرة ولم ير أن يستمع إليها وقال في صوت مرتفع غاضب:(سبيني خليني أَغَمّس)
بالضرورة كان الحادث مضحكا للجميع، وقد قابلوه ببساطة حتى مرّ بسلام بين الزوجين. ولكنه كان على كل حال إيلاماً من جانب الزوج لزوجته وإحراجاً لهما معا أمام الحضور