للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في سير أعلام:]

مِلْتُن. . .

(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية

والخيال)

للأستاذ محمود الخفيف

- ١٩ -

الزواج والصدمة الأولى:

لم يكن زواج هذا الشاعر الفيلسوف أمرا من أمور حياته الشخصية فحسب، يتدبر قصته من يريد أن يستكمل فهم شخصيته ويحيط به من أقطاره، وإنما كان الزواج وما وقع له فيه إلى جانب ذلك حادثا اثر في تفكيره وفلسفته، فعمد إلى توضيح فكره في كتيبات جديدة جرت عليه مخالفة من دافع عنهم من البرسبتيرينز إياه، وأدت به إلى مخاصمتهم ومحاربتهم،؛ ثم استقر اثر ذلك الزواج في نفسه حتى كان ناحية من نواحي فلسفته في قصيدته الكبرى فيما بعد. . .

في أواخر ربيع سنة ١٦٤٢، ذهب ملتن إلى الريف في غير غرض معلوم اللهم إلا ما ظن أصحابه من طلبه الاستجمام، وقضى ملتن زهاء شهر في قرية فورست هل، وتقع على نحو خمسة أميال من اكسفورد، وهي المقاطعة التي نبتت فيها أرومته فقد كان جده لأبيه أحد الموظفين في الغابات الملكية هناك.

ونزل ملتن ضيفا على ريتشارد بوول، وكانت بين أسرة بوول وأسرة ملتن صلة معرفة ومودة.

وعاد ملتن إلى لندن فما كان اعظم دهشة أصحابه إذ رأوه يأتي ومعه ماري بوول زوجا له، وكانت فتاة في السابعة عشرة من عمرها، وكان هو يومئذ يتشرف على الخامسة والثلاثين؛ ولطالما رأوه عزوفا عن الزواج منصرفا عنه إلى كتبه وشعره، يسرف أحيانا خياله الشاعر ويغلو في وصف العفة حتى ليجعلها في أن يعيش الإنسان أعزب أبدا!

<<  <  ج:
ص:  >  >>