للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باسمك اللهم]

للأستاذ محمد سعيد العريان

اليوم هلال المحرم من السنة السابعة بعد البعثة

وقد وقف أبو الحكم إبن هشام المخزومي موقفه من نادى قومه، واجتمع إليه قبائل من أشراف مكة وذوي الرأي من قريش يسمعون مقالته؛ وما منهم أحد إلا كان له بلاء في إيذاء محمد وصحابته حتى بلغوا في الكيد لهم ما بلغوا ولم ينالوا منهم منالاً؛ فإن أبا الحكم وأصحابه اليوم لفي هم ناصب وأمر عظيم. . .

إن أمرهم ليوشك أن يفلت من أيديهم، وهم أعلى قريش منزلة ومكانة بين سائر العرب، من الساحل إلى أطراف البادية. وهذا محمد وإنه لرجل فرد ليس له منعة من أهل ولا عصبية من دم ولا جاه من غنى، وإنه على ذلك ليحاول أمراً يفرق جماعتهم ويقبل رأيهم ويلحد في آلهتهم وما يعبدون؛ حتى ليوشك لو خلوا سبيله أن يكون هو صاحب الرأي والسلطان في العرب جميعا. . . وأين هو من هؤلاء وأنى يبلغ؟

ولقد افتنَّت قريش في حربه ومناهضة دعوته والكيد له ولأصحابه ما بلغ بهم الجهد، ليصرفوه عن وجهه ويفضوا صحابته من حوله؛ فما بلغوا شيئا مما أرادوا، وإن دعوته لتنتشر وتذيع حتى يتسامع بها العرب، وإن أصحابه ليزيدون ويكثرون، وإن قبائل العرب من قريب ومن بعيد لتسمع عنه وتعرف من خبره ما لا يريد أبو الحكم بن هشام وحزبه أن يعرف أحد؛ بلى، وإن هذه الدعوة لتطوى البيداء وتجتاز البحر من ساحل إلى ساحل حتى تجد الطمأنينة والسلام في بلد المسيحية من مملكة النجاشي!

يا للعاقبة لو بلغ محمد ما أراد!

. . . واجتمع وجوه قريش وأصحاب الرأي في مكة يتشاورون ليدبروا لهم أمراً. . .

وقال أبو الحكم بن هشام:

(يا قوم، أما إنه ليوشك أن يكون أمر شديد! وإن هذا الرجل ليبالغ فيما يدعو إليه حتى كان ما كان من أمره؛ فإن لم يكن قتله واستئصال خضرائه حتى يذهب بدعوته وتذهب به، فليكن تدبير جديد. . .)

وتطاولت الأعناق تترقب ما يكون من تدبير أبي الحكم في جهاد محمد وأصحابه،

<<  <  ج:
ص:  >  >>