[حول باخرتنا (النيل)]
بيننا وبين الأجانب
لمصر ماض بحري مجيد يرجع إلى عهد الفراعنة، وكان لمصر
أساطيل حربية وتجارية تشق عباب البحر الأبيض، ليس عهدنا بها
بأبعد من قرن، ولو لم تتألب أوربا النصرانية على مصر المسلمة في
نافارين، ولو لم تصب مصر بعد ذلك بما أصيبت به من المحن
السياسية التي هدت من إرادتها وحرياتها، لكان لها اليوم أسطول
يحمي ثغورها، وكانت لها سفن تجوب البحار وتأخذ بنصيبها من
حركة النقل والتجارة. فلما أتيح لمصر الناهضة أخيرا أن تبدأ بغزو
الميدان الاقتصادي، اتجهت الأماني والجهود إلى إحياء الملاحة
التجارية المصرية؛ ووفق بنك مصر - امتن واعز صروحنا
الاقتصادية - إلى وضع الدعامة الأولى في سبيل تحقيق هذه الأمنية،
فاقتنى باخرتين كبيرتين هما (زمزم) و (النيل)؛ وأدت (زمزم) في
موسم الحج الماضي للحجيج من مختلف الأمم الإسلامية اجل
الخدمات؛ وخصصت (النيل) لقطع البحر الأبيض والسفر بين
الإسكندرية ومرسيليا، وقامت إلى اليوم بأربع رحلات موفقة، وأثارت
بحسن استعدادها وفخامتها ودقة نظامها، واعتدال أجورها إعجاب كل
من شهدها أو سافر على ظهرها من المصريين والأجانب؛ واغتبط
المصريون أيما اغتباط إذا أصبحوا يستطيعون السفر على ظهر باخرة
مصرية فخمة، تسيرها وتستثمرها أموال ومصالح مصرية، ويشعرون
أثناء السفر عليها انهم بين أهلهم وذويهم.