أجمع اللغويون على تفسير (الفشل) بالجبن والفرع والضعف، أو هو ضعف مع جبن، كما قال بعضهم. ولم يخرج مفسرو القرآن الكريم عن ذلك في الآيات التي ورد فيها هذا اللفظ: كقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا)(إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا)(حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر)
ولكن الكتاب لهذا العهد درجوا على استعمال (الفشل) بمعنى الإخفاق والخيبة، وأهملوا الوضع الأصلي للكلمة.
ولقد كنت نهت على هذا الخطأ منذ بعيد في إحدى المجلات. وما كنت لأعود إليه، لولا أن رأيت في الرسالة عدد ٥٤٥ كلاماً في هذا الموضوع للأستاذ الجليل عباس محمود العقاد يرد به على الشيخ الفاضل محمود أبي رية
فقد عثر الشيخ في كتاب (عبقرية الإمام)(ببعض ألفاظ كان يقف عندها، مثل:. . . وفشل ص ٨١ و ٩٦ و١١٠ و ١٢٦) قال: (هل يجوز استعمال كلمة (فشل) في معنى أخفق وخاب؟)
فقال الأستاذ العقاد في رده: أما (فشل) بمعنى أخفق فلها حكم آخر. فهذه الكلمة من الاستعمال الحديث الذي شاع حتى غطى على معنى الكلمة القديم، مع تقارب المعنيين، حتى ليجوز أن يحمل أحدهما قصد الآخر، لأن التراخي والضعف والخواء قريبة كلها من الحبوط والإخفاق)
وأنا أقول إن الإخفاق لا يلازم الضعف والتراخي حتما؛ فقد يكون الإخفاق نتيجة للضعف، أو ما يدور حول الضعف من المعاني. وقد يكون نتيجة لعوامل أخرى لا تمت للضعف بصلة؛ فقد يخفق الشجاع، وينجح الجبان الضعيف في أمر واحد يحاولانه معاً؛ فالضعف شئ، والإخفاق شئ آخر
ولو صح هذا التقارب بين المعنيين (حتى ليجوز أن يحمل أحدهما قصد الآخر)، لجاز أن يطلق الإخفاق ويراد به الضعف أو ما يلابسه من المعاني، فيقال مثلاً: أخفق فلان في كذا، أي ضعف وجبن، وهو ما لا يمكن في اللغة