وقال الأستاذ العقاد في دفاعه أيضاً:(وتجدد المعاني على حسب العصور سنة لا تحيد عنها لغة من اللغات، وفي مقدمتها اللغة العربية، فلو أننا أخذنا ألف كلمة من المعجم، وتعقبنا معانيها في العصور المختلفة، لما وجدا خمسين أو ستين فيها ثابتة على معنى واحد في جميع العصور. وربما غب المعنى الجديد، وبطل المعنى القديم وهو أصيل في عدة كلمات)
(خذ مثلاً كلمتي الجديد والقديم، وكيف ظهرا، ثم كيف تحولا إلى الغرض الذي نعنيه الآن. فالثوب الجديد هو الثوب الذي قطع حديثاً من (جده) فهو جديد أو بحدود. وكانوا يقطعون المنسوجات عند شرائها كما نقطعها اليوم؛ فيسمونها جديدة من أجل ذلك)
(ثم نسيت كلمة (الحديد) بمعنى المقطوع؛ فلا يتصرف إليها الذهن الآن إلا بتفسير أو تعيين. وأصبحنا نعبر بالجدة عن أمور لا تقطع ولا هي من المحسوسات. فنقول (المعنى الجديد) و (الفكر الجديد)، وما شابه هذه الأوصاف
ثم ساق الأستاذ أمثلة أخرى لهذا من اللغة المأثورة، وشرح تطور المعنى فيها وتحوله
وأنا أقول إن هذا قياس مع الفارق. فإن العرب هم الذين استعملوا (الجديد) - مثلاً - في المعنى الأصلي وما تفرع عليه بعد ذلك من المعاني، للعلاقة التي شرحها الأستاذ، تجوزاً سائغاً.
وهذا ديدنهم في المجاز والاستعارة يلمحون العلاقة والمناسبة بين المعنيين، فيستعيرون لفظ المعنى القديم للمعنى الجديد؛ فتفرعت اللغة بهذا واتسعت، وتحولت المعاني، وتولد بعضها من بعض، حتى عادت المعاني المجازية أضعاف الحقيقة الأصلية
فالأستاذ العقاد جاء بأمثلة من المعجمات ليشرح بها هذا التحول المجازي، المنبعث من مقتضيات التطور الطبيعي في الأمة على ممر العصور
ولا كذلك نرى الحال في لفظ (الفشل): فهذا لفظ سلم لنا بمعناه كاملاً، لم يتحول ولم يتطور. وصان هذا المعنى القرآن الكريم. ثم تنقل في العصور هكذا، عصراً بعد عصر، حتى إذا كان عصرنا هذا أخطأ في فهمه الناس، وتناقلوا هذا الخطأ، وثبتوا عليه، ثم تلمسوا له المعاذير
فليس تحوله من معناه الوضعي إلى المعنى الفاشي الآن خاضعاً لسنة التطور الطبيعي التي تخضع لها اللغات جميعاً وإنما هو وليد الخطأ في الفهم