للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صدى مقتل الحسين في التاريخ الإسلامي والأدب]

[العربي]

للأستاذ ضياء الدخيلي

في محرم الحرام تغشى الكآبة والحزن الأقطار التي يتغلب فيها التشيع لآل البيت عليهم السلام كما في العراق وإيران والهند وأقسام في الأفغان والتبت في الصين وجبل عامل في لبنان ومحلة الأمن في دمشق ومحلات المتاولة (أي المتولين لأهل البيت) وبعض عشائر الحجاز حوالي المدينة وفي البحرين الكويت وتركستان والففقاز في روسيا ومحلات أخرى أجهلها. في الأصقاع الشيعية تجد المساجد والجوامع تجلل في محرم من كل عام بالسواد القاتم حزناً على شهيد كربلاء وتخرج المواكب باكية معولة تندب ابن بنت رسول الله (ص) الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) الذي قتله جند عبيد الله بن زياد بأمر من يزيد بن معاوية وذلك عام ٦١ هـ (٦٨٠م) - قتلوه هو وصحبه الكرام وأهل بيته حتى طفله الرضيع ومثلوا بأجساد الطاهرة وأحرقوا خيامهم وسبوا نساءهم وذلك في كربلاء على مسافة من الكوفة عاصمة أبيه الأمام (ع) وقد بالغوا في القسوة وفظاعة التمثيل وحرموه هو وأطفاله الماء حتى مات عطشان! كل ذلك لأخافه شيعة أبيه في العراق وقصد إخماد كل ثورة يحتمل أن يقوم بها الشيعة في العراق للانفصال من الحكم الأموي؛ ولكنهم اقترفوا من الفظائع ما أثار حفيظة العالم الإسلامي وأغضب كل من وقف على الواقعة من الناس حتى المستشرقين، فاقرأ ما كتبه المستشرق الفرنسي سيديو في كتابه (تاريخ العرب العام) والمستشرق الإنجليزي ميور في كتابه (الخلافة بزوغها وانحداره وسقوطها) - إنك لتجد أقلام هؤلاء على نصرانيتهم - تسيل سخطاً على الجيش الأموي وما قام به في كربلاء من ظلم وعدوان. لذلك صار اسم محرم رمز الحزن والكآبة في العالم الإسلامي وكان شهر النوح والبكاء عند الشيعة على الأخص فقد حدث المؤرخون أن الشيعة في العهد الأموي كانوا يعقدون المواكب والاحتفالات الصاخبة، وقد اتخذوا يوم كربلاء يوم حزن ورثاء، وكانوا يولونه كثيراً من عنايتهم فيجتمعون في الأسواق ويسيرون المواكب ويلزمون أنفسهم الامتناع عن تناول أطايب الطعوم ولذيذ المشروب ويتناشدون الأشعار بالنوح على الحسين (ع) والطعن في قاتليه! وظل الحال على ذلك في العراق إلى أن تولى الحجاج بن يوسف

<<  <  ج:
ص:  >  >>