للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أكثروا من القول فيه ويبدو أن عثمان قد تباطأ في إقامة الحد عليه فقد روى البخاري عن عروة بن الزبير أن عبيد الله بن عدي أخبره أن المسوّر بن مخرم وعبد الرحمن بن الأسود قالا ما يمنعك أن تكلم خالك عثمان في أخيه الوليد بن عقبة فقد أكثر الناس (أي من تركه إقامة الحد عليه) فانتصبت لعثمان حين خرج إلى الصلاة فقلت له: أن لي إليك حاجة وهي نصيحة، فقال: أيها المرء، أعوذ بالله منك، فانصرفت فلما قضيت الصلاة جلست إلى المسور وإلى عبد يغوث فحدثتهما بالذي قلت لعثمان، فقالا: قد قضيت الذي كان عليك! فبينما أنا جالس معهما إذ جاء رسول عثمان، فقالا: قد ابتلاك الله! فأتيته، فقال: ما نصيحتك؟ فقلت: أن الله بعث محمداً وأنزل عليه الكتاب وكنت ممن استجاب لله ورسوله (ص) وهاجرت الهجرتين وصحبت رسول الله (ص) ورأيت هديه. وقد أكثر الناس في شأن الوليد فحق عليك أن تقيم عليه الحد. وبعد أن أجاب عثمان بقول يذكر فيه إسلامه وموقفه من النبي (ص) وصاحبيه، قال: ما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ فأما ما ذكرت من شان الوليد بن عقبة فسنأخذ فيه بالحق أن شاء الله. ثم أمر بجلد الوليد فجلد أربعين جلدة في أصح الروايات! فقد خرج مسلم من طريق أبي ساسان قال: (شهدت عثمان أتي بالوليد وقد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان أنه قد شرب الخمر والذي تولى جلده عبد الله بن جعفر.

وتبين من سياق الأحداث واستقراء الأخبار أن عثمان رضي الله عنه لم يقم الحد على أخيه إلا لأنه صلى بالناس وهو سكران، لا لأنه شرب الخمر فحسب؟ إذ لو أقيم عليه حد الخمر فقط لوقع ذلك في كل يوم لأنه كان مدمن خمر!.

هذا ما نرى بيانه، ونرجو أن يوفق الدكتور في إتمام سائر الأجزاء التي رأى أن يكسرها على تأريخ الفتنة الكبرى، وأن يخرج ما بقي من عمله على غرار هذا الجزء الذي بين أيدينا.

ولعله بعد ذلك يتخذ سبيله إلى تأريخ الأدب العربي تأريخا مستفيضاً مفصلا حتى يؤدي ما عليه من دين للغة العربية وآدابها.

المنصورة

محمود أبو رية

<<  <  ج:
ص:  >  >>