نوطئ بهذا النبذ من القول أن نرسل كلمة صغيرة عن كتاب (عثمان) أحد أجزاء الفتنة الكبرى الذي يتوفر على إخراجها الدكتور طه حسين بك.
تناولت هذا الكتاب بعد أن فرغ الناس من الكتابة عنه والبحث فيه فإذا بي تلقاء نمط جديد في دراسة التاريخ لم أعهد مثله فيما كتب عن تاريخ صدر الإسلام بحثاً وتحليلاً اللهم إلا كتاب (فجر الإسلام) للأستاذ أحمد أمين بك، فهو صنوه في البحث، وقرينه في التحقيق، هذا في تاريخ الحياة العقلية وذاك في تاريخ الحياة السياسية.
وهذا الكتاب لا يفهمه حق الفهم إلا من حرر عقله وآثر الحق على هواه. وإذا كان الكلام عن هذا الكتاب النفيس قد يعد الآن من التكرار بعد أن تولاه الكتاب من قبل بالتقريظ والثناء الطيب فأني أتحدث اليوم عن أمر وجدته فيه ولم أر بداً من الكلام عنه.
ذلك أن الدكتور طه حسين بك قد أستراب فيما حملته الرواية من أن الوليد بن عقبة قد صلى بالناس فريضة الصبح وهو ثمل ثم التفت إلى من معه وقال: أزيدكم؟ فقال أن هذه القصة مخترعة من أصلها فيما أعتقد.
ولكن هذا الخبر أثبته كبار المؤرخين وبخاصة من كان منهم من ثقات المحدثين كالبخاري وابن عبد البر والذهبي وابن كثير، وآخر من أيد هذا الخبر مجتهد اليمن ابن الوزير في كتابه (الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم) فانه على ما أطال في الدفاع عن رجال الحديث الذين لا يجوزون الكبائر على الصحابة، وما بالغ من ذلك فانه لم يستطع أن ينكر ما نسب إلى الوليد من أنه صلى الصبح وهو سكران ومما جاء في كتابه هذا:
(قال إمام أهل الحديث أبو عمر بن عبد البر في كتابه (الاستيعاب) في معرفة الصحابة عن الوليد:
(له أخبار فيها نكارة وشناعة تدل بقطع على سوء حاله) وبعد أن بيّن ابن عبد البر: أن أخباره في شرب الخمر ومنادمته لأهلها كثيرة، ذكر أنه صلى الفجر بأهل الكوفة ثم قال أزيدكم.
وإذا كان الدكتور قد قرر بحق أن إسلام الوليد كان رقيقاً وأنه غشَّ النبي، فإن وقوع مثل هذا الأمر ليس بغريب منه.
على أن ما فعله الوليد من شربه الخمر وصلاته وهو سكران قد استفاض بين الناس حتى