للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خواطر بدر. . .]

للأستاذ محمد عثمان محمد

مما لا يواتي الكثيرين من الأدباء القدرة الفائقة على التلوين والتنويع في أدبهم مع الحبك والسبك والإجادة. . . فقد يكون الكاتب في النثر بارعا، وقد يكون في الشعر مفلقا، وقد يكون في القصص عبقريا، وقد يكون في الأدب الشعبي راسخا. . . أما أن يكون في مستوى واحد من البراعة والإجادة في جميع فنون الكتابة فأمر لا أظن أنه يتأتى للأكثرين. . .

أقول هذا وبين يدي كتاب جديد صدر أخيرا باسم (خواطر بدر)، أهداه إلى مؤلفه الأستاذ الفاضل أحمد عبد اللطيف بدر، المدرس ببورسعيد الأميرية الثانوية. . . فقد حوى في تضاعيفه الشذرة الاجتماعية، والمقالة الأدبية، والقصة في عالميها الواقعي والخيالي، والشعر المقفى في أغراضه، والزجل الشعبي في استرساله. . . مما دل على قدرة الأستاذ على التلوين والتنويع في أدبه بصورة غير مألوفة. . .

وقد يدهش القارئ الفاضل أن يكون عالم من خريجي إحدى كليات الأزهر الشريف زجالا. . . ولكن ليس في هذا ما يدعو إلى الدهش والاستغراب. . . فالزجل فن شعبي له منهجه وأصوله، وليس كما يفهم البعض (. . . كلمات مسرفة في العامية أو عبارات تنظم حيثما اتفق. . .)، وليس في مزاولته أو محاولة نظمه ما يحط من قدر العالم المصلح والكاتب الاجتماعي. . . لأننا إذا دعونا إلى الإصلاح مثلا - ومخاطبة الدهماء من طبيعة عمل العالم الذي يهدف إلى الإصلاح والكاتب الاجتماعي الذي يرمي إلى التهذيب والإرشاد - كانت دعوتنا، كما يقول الأستاذ المؤلف، ذات فائدة إذا كانت لها صلة بروح الشعب المنتفع بها، ولا تتأتى هذه الصلة الروحية إلا إذا خاطبنا الشعب بلغته الدارجة التي يفهمها، والزجل مظهر من مظاهر هذه اللغة. . .

وقد يظن البعض أن الزجل فن شعبي مستحدث، ولكنه فن قديم مضت عليه أكثر من ثمانمائة وعشرين سنة، فقد ابتدعه في الأندلس من يقال له (راشد)، جوده وحسنه وأكثر من أوزانه من بعده أندلسي آخر يقال له (ابن قزمان) وقد توفي عام ٥٥٥ هـ. . .

والملاحظ على أزجال الأستاذ أحمد أنها كلها أدبية أخلاقية اجتماعية، لا تجد خلالها قصيدة

<<  <  ج:
ص:  >  >>