وإذا تركنا الزجل وانتقلنا إلى الشعر. . . أو انتقلنا من النظم باللغة الدارجة إلى النظم بالفصحى، وجدنا الأستاذ الشاعر مقلا. . . تتفاوت مقطوعاته ما بين عشرة أبيات وأربعة، اللهم إلا في قصيدة واحدة هي (فجر النهوض) فقد أربت على ستة وعشرين بيتا. .!! وهو يقول في تعليل ذلك:(. . . وشعري قطعة من نفسي أصوغه حينما أشعر برغبتي في تنغيم مشاعري على النغم الموسيقي الذي يبعه اللحن الصادق المتجاوب بين أعطاف وجداني لذلك كنت مقلا. . .)، يريد أن يقول إنه لا يقول الشعر إلا إذا أحس في أعماقه برغبة قوية صادقة تدفعه دفعا إلى التنغيم والإنشاد. . .، وهذا حسن. . . ويجب أن يكون منهاجا وسبيلا يطرقه كل شاعر يريد أن يسمو بشعره وأن يخلد بنات أفكاره. . . ولكنه لا يمكن أن ينهض سببا قويا على التقصير وعدم الاسترسال في القصيد. . . وإن كان يمكن التعلل به على قلة النتاج الفكري. . .
فإذا كان الذهن حاضرا، والقريحة صافية، والشعور صادقا، وتلك الرغبة العميقة الدافعة إلى النظم والإرشاد مواتية. . . ما الذي يمنع الشاعر من الاسترسال والإطالة - لغير المملة - ما دام لم يستوف الغرض ن وما دام الموضوع يتطلب منه الصول والجول. .؟!
على أنه ليس معنى ذلك أنني أقول (بالكم) في مجال التفوق والشاعرية. . فقد (يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق) كما قال عقيل بن علفة حين سأله سائل وقال: مالك لا تطيل الهجاء؟!
هذا، والأستاذ بدر، صاحب هذه الخواطر، هو صاحب مجموعة (قصص بدر للأطفال)، فهو من تلك الفئة العاملة من رجال التربية والتعليم، المعنية عناية خاصة بتربية الناشئة تربية تقوم دعائمها على النهج الديني القويم. . فهو من دعاة نشر الثقافة الدينية في جميع مراحل التعليم في مدارسنا على اختلاف درجاتها، لأنه يرى أن (ليس هناك أجدى على النفس من الوازع الديني. .)، وفي هذا يقول (ص ٩٨): (. . إنا لا ندعو إلى وجوب التخصص في الدين، لب نأمل فهم روحه حتى تربى الأم أولادها وبناتها في ضوء تعاليمه التربية التي تخول لهم حياة كريمة). . وهو في دعوته هذه على حق. . فنحن نعيش في عالم مادي بحث، تدهورت فيه القيم الأخلاقية وعمت الفوضى والفساد حتى أصبحنا في