للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

في ميدان الجهاد

للأستاذ وهبي إسماعيل حقي

إلى المجاهد الكبير من اجتمع إلى حكمة الشيوخ عزمات الشباب صاحب الدولة (احمد باشا حلمي) وفقه الله في مهمته. . .

كان الوقت ليلا، وكانت السماء صافية الأديم، وكان القمر يرسل أضوائه الفضية الساطعة، فتملأ الأرجاء أمنا، وتغمرها نوراً، ولولا أن الجو تتمشى في جنباته موجات من يرد فبراير القارس لتبدلت الحال، ولخرج الناس من مكامنهم ليستمتعوا بهذه الطبيعة الأخاذة، ويستنشقوا عبير النسيم الذي انبعث من البحر الأبيض يحمل النشاط والقوة، ولما لجأت (كتيبة الإيمان) - إلى ذلك الكهف الذي اتخذته مقر لقيدتها، في إحدى جبال فلسطين الكثيرة، والتف أفرادها حول النار ليصطلوا.

وكانت هذه الكتيبة واحدة من الكتائب التي ألفت جيش الإنقاذ الذي خف فلسطين حينما وضح اليهود عن المغالاة في مطامعهم بإثارة الغارات - من آن لآخر - على القرى العربية الآمنة ومثلوا معهم تلك الأدوار التي حدثنا عنها التاريخ في عصور الجاهلية الأولى، ومن هتك الأعراض، وسلب الأموال وقتل الضعفاء من الشيوخ والأطفال.

واتخذت كهفاً واسعاً مركزاً لها، فيه توضع خططها الحربية، وفيه تحفظ المؤونة ومنه تشن ضد الصهيونيين العتاة.

كان ضوء القمر على باب الكهف يعاون أشعة النار في تبديد الظلمة، فيستطيع الإنسان أن يميز وجوه الحاضرين، فيرى فيهم الأبيض والأسمر، والأسود والأشقر، ويرى فيهم الطويل والقصير.

فهولاء الأربعة البيض الذين اتخذوا مجلسهم قريباً من الموقد، تنبئ ملامحهم أنهم أوربيون: فأما العملاقان - اللذان تشع من عيونهما أشعة القوة والجد، وينبعث منها بريق الأمل - فهما من إحدى المدن الألبانية التي تغذى أهلها بلبان الحرية، ومن أجلها حاربا الطليان والألمان، ثم حاربا الشيوعية، وأخيراً تركا الوطن إلى إيطاليا فراراً بعقيدتهما.

وأما هذا القميء العريض المنكبين الذي اتسمت آيات الحزن على صفحة وجهه، ولاح

<<  <  ج:
ص:  >  >>