هناك شبه إجماع بين النقاد على أن فن (القصة) في الأدب الإنجليزي قد تدهور في السنوات الأخيرة لا في الكمية بل في الكيفية.
وتدل الإحصاءات التي نشرتها إحدى المجلات الأدبية الأمريكية أن معدل ما يباع من القصة الإنجليزية الرائجة في طول أمريكا وعرضها لا يتجاوز ١٠ آلاف نسخة مع أن السوق الأدبية في البلاد الناطقين باللغة الإنجليزية يتجاوز ٢٥٠ مليون نسمة.
وتصدر المطابع الأمريكية ما لا يقل عن ٤٠ أو٥٠ قصة في كل شهر بينماالمطابع البريطانية حوالي نصف هذا العدد.
أما العوامل التي أدت إلى هذا التدهور في القيمة الفنية للأدب الإنجليزي القصصي فعديدة. ويختلف النقاد في التعليل الصائب لهذه العوامل؛ إلا أن الكل متفق على أن وسائل الكاتب القصصي في الأدب الأنجلوسكسوني أصبحت عاجزة عن تحليل المشاكل الروحية والعقد النفسية التي ازدادت تشعباً في عالمنا الحاضر مما ألم به من التطورات الفكرية والسياسية والاجتماعية فجعلت الحياة اليومية فيه معقدة وعرة المسالك يحتاج الكاتب لسبر غورها إلى قوة فنية خارقة لا تراعي الاتجاه التقليدي الذي كان كتاب القصة في القرنين الماضيين مغرمين باتباعه في تحليل الأشخاص والحوادث.
ويعتقد هؤلاء النقاد بأن الأدب القصصي قد قصر عن اللحاق بالفن التصويري الذي يعتمد على الريشة والألوان؛ فمدارس الرسم الحديث قد أدركت ازدياد التعقد في مشاكل النفس والحياة المعاصرة فسعت إلى تصويرها في إطار الرمزية المجردة كما بذلك رسوم (بيكاسو) وغيره من أئمة الفن الغربي المعاصر.
وتقصير الأدب القصصي الإنجليزي تقصير في الثقافة الأنجلوسكسونية المعاصرة عن الإبداع الفني في تصوير الحوادث والأشخاص والانفعالات وشتى ألوان الإحساس الفني المطلوب في أداء الفن القصصي - هذا التقصير يعود إلى رغبة الكاتب في أن يوفر للقارئ تسلية أدبية لا متعة فنية تهدف إلى الصميم فتفرض على القارئ أن يشارك الكاتب في إحساسه الفني ومتعته العقلية.