للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أثر المدرسة المصرية في الثقافة]

للأستاذ ثروت أباضة

- ٢ -

ويعقب عنصر معرفة الجهل حب المرء للعلم أو الفن، وهذا الحب يكون وليد البيئة أو الصدفة، فكثيراً ما نرى شعراء لم يتلقوا في المدرسة علوماً، بل إن الشعراء الأقدمين جميعاً لم يعرفوا سبيلاً إلى المدرسة، وإنما هي الملكة والثقافة الحرة. وهكذا الشأن أيضاً مع القادة الأول الخالقين للنظريات العلمية الجليلة الأثر في الحياة العصرية، وأذكر منهم أديسون واستيفنسون.

يلي ذلك الصبر والمثابرة، إذ لابد للمثقف أن يقرأ ويكثر من القراءة، بل لابد أيضاً أن يصبر الإنسان نفسه فيقرأ ما لا يسيغه ليصل إلى ما يريد، فمن الأدباء مثلاً من لا يحبون النحو ولكن لا غنى عنه لاستكمال ثقافتهم الأدبية. ومن رجال القانون من لا يحبون علم المالية العامة مثلاً أو القانون الروماني، ولكن لابد لنا مما ليس منه بد، فهم يقرأونه بل ويدرسونه ليتموا ثقافتهم القانونية، هذا هو الصبر الذي أعنيه.

أهم العناصر جميعاً هو العقلية. . هناك عقليات حديدية مهما تثقفت بقيت جامدة، فإنك لتجد كثيراً من العلماء في القانون مثلاً أو الطب لا يعرفون عن غير علمهم في الحياة شيئاً، وإذا جلست إليهم وتحدثوا في غير ما يجيدون وجدتهم إلى العوام أقرب ما يكونون، وأشبه شيء بالقلم الرصاص يراه صاحبه من ناحية واحدة لا يكتب إلا منها فإن أدرته في يدك صار خشباً.

ليس حتماً على المثقف أن يعرف كل شيء، ولكن حتم على من يريد أن يقال عنه مثقف أن يفهم، والفهم من الله هبة إذا لم يعطها لإنسان فحسبه وحسبنا معه الله ونعم الوكيل.

بعد هذا العرض السريع للثقافة والتثقيف دعونا نتوكل على الله ونذهب إلى أبواب المدارس والجامعات المصرية لنرى ما تصيب الثقافة من هذه البيوت التي يقول عنها شوقي الخالد. .

بيوت منزهة كالعتيق ... وإن لم تستر ولم تحجب

يدانى ثراها ثرى مكة ... ويقرب في الطهر من يثرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>