طالعت الجزء الأول من كتاب العقد الذي أظهرته في هذا الوقت لجنة التأليف والترجمة والنشر، أو دولة العلم والأدب والفضل في مصر، وضبطه العلماء الإجلاء: الأستاذ الكبير أحمد أمين، والأستاذ الفاضل أحمد الزين، والأستاذ الفاضل إبراهيم الإبياري، فرأيت في هذه الطبعة الرائعة تحقيقاً كثيراً، وفضلاً في الشروح والتعاليق كبيراً. وقد عثرت على أشياء في هذا الجزء في أربع مئة صفحة كنت أعاين ضعفها (والله) في صفحة واحدة من تلك الطبعات القديمات الخبيثات. ولا ريب في أن أكثر الخطأ في طبعة اللجنة إنما هو تطبيع، وإن لم يرد في جريدة الإصلاح، وسأكتب في هذا (الإملاء) معظم ما وجدت غير متبع ترتيب الأقوال في صفحاته.
١ - ص (١١٩) قال الشنفري:
إذا حُملتْ رأسي وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثَمَّ سائري
وجاء في الحاشية: في ١: احتملت. وفي عيون الأخبار: هم ضربوا وفي البخلاء: إذا ضربوا
قلت: هذا البيت في مقطوعة (ثلاثة أبيات) رويت في العقد وفي ديوان الحماسة، ورواية أبي تمام:(إذا احتملوا)، وفي شرح التبريزي:(ويروى إذا احتملت)، واللفظة غير مشكولة. وإذا صحت هذه الرواية، فالفعل مبني لما سمي فاعله، فيعود الضمير إلى (أم عامر) في البيت قبله في أول المقطوعة:
لا تقبروني إن قبري محرم ... عليكم ولكن ابشري أم عامر
أو إلى شيء حذفه أبو تمام، فقد كان يختار من قصيدة طويلة بعض أبياتها. وضبط (حملت) بالبناء لما لم يسم فاعله مشكلة أي مشكلة، بل مصيبة. . . إذ يؤنث بها (وطن النهى) والرأس في أقوالهم في جميع أزمانهم مذكر. قال التاج: اجمعوا على أن الرأس مذكر.
ويلوح لي أن صاحب هذه الأبيات هو صائغ اللاميتين: لامية الشنفري ولامية تأبط شرّا. .