لأنه دون سائر أعمالك أشبه بما عملت في تهذيب الكامل الذي عددته جناية أدبية، حتى إذا ما أخرجتك بمقالاتي فيه، معترفاً لي ببراءتي من هذه الجناية، ومعترفاً على نفسك بإجرامك على الزهر وصاحبه وعلى الأدب، انبريت إلى تصانيفك - التي لا شبه لها عندي إلا أفراخ البغاث كثرة عدد وقلة غناء - أرد ما ليس لك فيها وهو أكثرها إلى مآخذه ذاكراً ما أوقعت فيه من تحريف، وأبين زيف ما هو من صنع يدك وهو القليل، بما لا مخرج لك منه أمام الناس لا أمام نفسك.
٦ - بقي قولك في نهاية كلمتك إنك تكره البغي على أصدقائك وإن أمرك معهم لم يكن إلا شبيهاً بأمر أكثم بن صيفي (إن قول الحق لم يدع لي صديقاً) وما كان أكثم لك بشبيه، فإن الذي لم يدع لك صديقاً إنما هو دأبك على الباطل في كثير مما تبحث، وبغيك على حق الصديق في جل ما تنقد، حتى لقد أمللت ومللت. ولقد حدثتني نفسي أن أكون فيما بغيت عليّ عاملاً بالآية (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) كما فعل كثير، ولكني رأيت في بعض وجوه الحزم - وأنت عالم بالوجه الذي رأيت - أن أحيد في معاملتك عن تلك الآية السمحة إلى هذه الآية العادلة (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) وحقاً لا تثريب عليّ ولا سبيل (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم)
وإليك يا صديقي سلامي حتى ألقاك في مقالي المقبل بالدفع العنيف لما كتبت في العدد الماضي مصحوباً بالهجوم الأعنف على ما صنعت بزهر الآداب.